عندما تسمع بعض الشطحات المخجلة من بعض الأطباء النفسيين لا يسعك الصمت بل إن الصمت عندها يصبح جريمة وخاصة إذا كان الطبيب استشاريا مشهورا له مريدون ومعجبون .. ما أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذه المقالة مقطع سمعته لأحدهم ( هو عندي أقل من أن أروّج له بذكر اسمه ) .. ولا سيما وأن له طوام سابقة تكشف عوره ، فقد تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يليق وتحدث أيضا عن قبائل الجنوب والشمال أيضا بما لا يليق .
أخطر الخطر إذا أتى من مأمنه . هؤلاء المفروض فيهم أن يكونوا بسلما لجراح المتألمين ونافذة أمل لليائسين ونورا يضيء درب الحائرين . أما أن يكونوا العكس فهذه مصيبة المصائب . أقول : البعض وليس الكل . فالأطباء النفسيون هم على ثغرة عظيمة وهم يقومون بدور كبير ويؤدون رسالة مهمة في مساعدة الناس إلى الوصول إلى الاستقرار النفسي والتوازن العاطفي . وهذه حاجة ملحة ومطلب كبير وخاصة في مثل زمننا الحاضر .
في طيشته الأخيرة والتي اساء فيها إساءة كبيرة لأباءنا ( جيل الطيبين حسب قوله ) ..
هنا بعض الوقفات والرسائل :
ــ التعميم دليل الجهل وقلة العلم والمعرفة .. ولذلك أكثر ما يعمم أنصاف المثقفين . نعم ربما كان هناك بعض النماذج السلبية في التربية ولكنها قليلة وشاذة ولا حكم للشاذ . عندما نأخذ بعض النماذج أو بعض التجارب الشخصية ونسقطها على الجميع فهذا ليس علما بل تهريجا . وتجاهل النماذج المشرقة التي ضحت بالغالي والنفيس قي تربية أولادها وهم كثيرون هذا ظلم وتعسف .
ــ المعالج النفسي يجب أن يكون مثقفا ومطلعا .. ليس في تخصصه فحسب بل يجب أن يكون قارئا نهما في جميع المعارف .. لو سألت بعضهم عن أخر كتاب قرأه خارج تخصصه لحار جوابا .. ولذك ما يؤخذ على بعض الممارسين النفسيين للأسف أن ثقافته ضحلة .. لو خرجت به عن تخصصه قيد أنملة ضاع . ربما نغتفر له تقصيره في الاهتمام ببعض المعارف ولكن لا نغتفر له تقصيره وجهله بأمور العقيدة والسيرة . لأنها مهمة جدا في تخصصه .
ــ عندما أدرس نظريات غربية ( وأغلب نظريات علم النفس للأسف مستقاه من الغرب ) واسقطها هكذا إسقاطا على كل الحالات وخاصة حالات المجتمعات المحافظة هذا جهل وليس علم . فالإلمام بعادات المجتمع وثقافة المجتمع وآداب المجتمع من ابجديات المعالج النفسي المتمكن .
ــ عندما اتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأتي ببعض النظريات واطبقها عليه بحجة أن هذا علم وأنه بشر وينطبق عليه ما ينطبق عليهم .. أقول نعم هو بشر ونحن لا نرفعه فوق مستوى البشر .. ولكنه يمثل الكمال البشري إذا صح التعبير والنموذج الأمثل لأنه معصوم ومصطفى وخاصة فيما يتعلق بالسلوك والممارسات والاخلاق عموما .. بل إنه نموذج عجيب في التوزان النفسي .. في حزنه وفي فرحه وفي رضاه وفي غضبه وفي كل انفعالاته .. والطب النفسي ما هو إلا محاولة لضبط المشاعر والانفعالات والسلوكيات وإعادتها إلى وضع التوازن المثالي .. والسيطرة عليها .. بمعنى أكثر وضوحا إذا اردنا أن نساعد مريضا نفسيا ونرجعه إلى التوزان النفسي فأفضل طريقه أن نحاول أن نصل به إلى وضع قريب مما وصل إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الاستقرار النفسي والسكينة والطمأنينة . ( طبعا لن يعرف ذلك من لم يقرأ السيرة ويطلع عليها ويتأملها )
ــ نظريات علم النفس ليست مثل النظريات العلمية البحتة ثابتة لا تتغير .. نظريات علم النفس مرنة ونسبية وتخضع لعوامل كثيرة جدا .. ولذلك فتطبيقها يختلف باختلاف المجتمعات .. بعض الأطباء النفسيون وخاصة الأقل خبرة يحاول أن يطبق ما درسه حرفيا دون أي اعتبارات أخرى .وهو بهذا يرتكب خطأ جسيما في حق المريض بل إنه يجني عليه .
ــ من المآخذ على بعض المعالجين النفسيين المبالغة عند وصف وتشخيص الحالات وتعقيدها وتحميلها أكثر مما تحتمل . وهذا ربما يزيد الطين بلة ويربك المريض ويزيد من خوفه وقلقه . وكلما بسطنا له حالته بعيدا عن المصطلحات والنظريات المعقدة كلما كان ذلك أكثر فائدة .. بعض الحالات لا تعدوا كونها اضطرابا نفسيا بسيطا عارضا قد يُصاب به الجميع .
ــ تجد حياة بعض المعالجين النفسيين مليئة بالعقد النفسية والتناقضات فهو أشبه بالنجار الذي يحاول إصلاح بيوت الآخرين وبابه مخلوع . تجد فيه الكثير من المثالب والنواقص حياة مليئة بالخلل .. فضاضة ، وكبر ، وغطرسة ـ وفوقية ، وقلق، وشك ، وسوء الظن .. إلخ يكذب ، ويخدع ، وينافق ، ويعيش تفكك أسريا واضطرابا اجتماعيا . ومع كل هذه العقد تجده ينظّر ويتفلسف ويحاول تكلف المثالية وهو ابعد ما يكون عنها .
أيضا بعض الأطباء النفسيون تخلّوا للأسف عن انسانيتهم وحوّلوا هموم الناس ومشاكلهم إلى تجارة واستغلوا حالتهم النفسية اسوأ استغلال وأصبح الربح المادي هو الهدف الأول . حالهم أشبه بهواتف ( العملة زمان ) لا تتحدث إلا بالنقود .
النقطة أو الرسالة الأخيرة هي للمرضى أو لمن يعاني من بعض الإشكالات النفسية أقول : حاولوا أن تعالجوا أنفسكم بأنفسكم فالأمر في الغالب ليس معقدا إلى تلكم الدرجة التي تتصورونها .. العقدة النفسية ما هي إلا انزياح عن الوسط بزيادة او بنقصان وهذا يؤدي إلى فقدان التوازن ارفعوا ثقافتكم ووسّعوا مدارككم .. تعلموا .. ثم تعلموا .. ثم تعلموا حتما ستتعافون .. وإذا لم تستطيعوا ذلك بأنفسكم فلا ضير ولا غضاضة في الاستشارة ولكن اعرفوا من تستشيرون وإلى من تذهبون لا تثقوا في أي أحد .
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
التعليقات