• ×

05:22 مساءً , السبت 19 يونيو 1446

حتى يطمئن قلبك .. ماذا بعد ؟ أيها الملحدون ؟ / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1866
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 حتى يطمئن قلبك .. ماذا بعد ؟ أيها الملحدون ؟ /
حامد علي عبد الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يرزق الإنسان نعمة أكبر من قلب مطمئن وإيمان راسخ وسكينة عميقة .
لماذا هذا المقال ؟ :
ـ إن كنت مؤمنا فسيزيدك إيمانا .
ـ ربما تحتاج إلى بعض ما ورد فيه للرد على الملحدين .
ـ إن كان في قلبك شيء ! سيساعدك هذا بلا شك على تنقيته وتصفيته وإرجاعه إلى الفطرة السليمة .
الإنسان كائن مختلف عن بقية الكائنات الحية الأخرى، مختلف في الصلاحيات الممنوحة له، مختلف في الحرية والإرادة والعقل . في هذه المقالة سنستثمر بعض هذه الصلاحيات وهذه القدرات التي منحها الله لنا ونوظفها في الفهم والتفهيم
قبل البدء أقول : إنك لتعجب أشد العجب ونحن في القرن الواحد والعشرين وقد تقدم العلم كثيرا وتطور الفكر الإنساني وتضاعف ذكاء الإنسان مرات ومرات إنك لتعجب وتندهش إذا عرفت أنه لا يزال هناك من ينكر وجود الله .
يقول الفيلسوف الفرنسي باسكال : "هناك صنفان من الناس فقط يجوز أن نسميهما عقلاء ،وهم الذين يخدمون الله لأنهم يعرفونه، والذين يجدِّون في البحث عنه لأنهم لا يعرفونه "
" إن الدليل العلمي / العقلي / الفلسفي الذي قاد (أنتوني فلو ) * إلى رفض الإلحاد هو مفهوم ( التصميم الذكي ) الذي تموج به الأوساط العلمية والفلسفية والدينية منذ الربع الأخير من القرن العشرين ويدور مفهوم التصميم الذكي حول : أن نشأة الكون وبنيته وكذلك نشأة الحياة والكائنات الحية تبلغ درجة هائلة من التعقيد تستبعد تماما أن تكون قد حدثت بشكل عشوائي وتحتم أن يكون وراءها مصمم ذكي عليم قدير " كتاب رحلة عقل / د. عمرو شريف
يقول أنتوني فلو أيضا " أن ما اثبته العلم الحديث من تعقيد مذهل في بنية الكون يشير إلى وجود مصمم ذكي كذلك فإن البحوث الحديثة حول أصل الحياة ، وما تكشف من بنية شديدة التعقيد وطريقة أداء مذهلة لجزيء DNA يؤكد حتمية وجود المصمم الذكي " المرجع السابق .
(*) انتوني فلوا اسم ذائع الصيت في مجالات الفكر والفلسفة والإلحاد ويعد من أكبر ملاحدة العصر الحديث .. لقد اعلن بعد أن بلغ الثمانين من العمر أنه قد صار يؤمن بأن هناك إلها وألف كتابا بعنوان ( هناك إله )
يتبنى هذا المفهوم ( أقصد مفهوم التصميم الذكي)مجموعة من كبار علماء البيولوجيا والفيزياء والكيمياء والرياضيات وكذلك مجموعة من الفلاسفة .. ولولا خوف الإطالة لنقلت لكم عشرات النصوص التي تؤكد ذلك . وسنورد بعضها في ثنايا هذا المقال للاستئناس بها ..
إن التطور العقلي للإنسان يجعله أكثر ذكاء في الاستنتاج والتحليل والنقد والمقاربة بحيث لا يحتاج إلى أدله مادية على وجود الله . يذكّرنا ملحدو العصر الحديث بالعصور الجاهلية الأولى التي كان أهلها يطلبون من أنبيائهم أدلة مادية ملموسة ومحسوسة على وجود الله إلى درجة أنهم قالوا: " أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً " كان البشر في العصور الغابرة الماضية أقل ذكاء وهذا ما جعلهم ينكرون وجود الله، عقولهم أو دعونا نقول ذكاؤهم المتواضع جعلهم لا يستوعبون رجوع الحياة إلى الإنسان بعد أن يتحلل جسمه . إنكارهم هذا ومطالبتهم بأدلة مادية جعل الله جل وتبارك وتعالى يرسل لهم رسلا تترا مبشرين ومنذرين رحمة منه ولطفا بهم ، وربما أرسل الرسول والرسولين في وقت واحد أو في أوقات متقاربة ، لأن البشر كانوا يحتاجون إلى أدلة مادية ملموسة محسوسة لضيق أفقهم وقصر نظرهم ولذلك كانت الأدلة ـ الآيات ـ التي يأتي بها الأنبياء والرسل أدلة مادية مثل ناقة صالح عليه السلام ، عصى موسى عليه السلام ، مائدة عيسى السلام .. إلخ .. ثم نلاحظ تطور فكر الإنسان وهذه نتيجة طبيعية بحكم التراكمات الثقافية والمعرفية ، كل جيل يأتي يبني ثقافته ومعارفه على ثقافة ومعرفة ومعلومات وتجارب من سبقه فتنمو المعرفة ويزيد الذكاء ،. ولذلك نجد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يأت بآية مادية بحتة كما أتى بها الأنبياء قبله . أتى صلى الله عليه وسلم بآية لغوية فكرية تناقش ذكاء الإنسان وعقله وفطنته أكثر منها آية مادية . أيضا تباعدت الفترات الزمنية بين الرسول والرسول .. وكان خاتمهم نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه في علم الله أن الناس أصبحوا أكثر ذكاء وفهما وأن حاجتهم إلى من يدلهم على وجود الله الخالق أصبحت أقل .
ولذلك فإن من الملاحظ أن أكثر من ينكر وجود الخالق في الأزمنة المتأخرة ـ القرن العشرين ـ لا ينكره عن جهل بل ينكره عن كبر وعناد ومغالطة . قليل جدا من ينكره عن جهل ولذلك أقول : أن أغلب الملاحدة في عصرنا الحاضر هم من الصغار في السن والصغار في العلم إن لم يكن جميعهم .
الله جل جلاله لا يحتاج إلى دليل ومن المخجل جدا بل من قلة الذوق والأدب مع الله أن نحاول أن نثبت وجوده، ذلك لأن هذا من الثوابت والقطعيات والمسلمات والحقائق التي تدل عليها الفطرة السليمة والعقل السليم .
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليل
من أراد أن يجد الله فليبحث عنه أولا في داخله سيجده حتما لا محالة وبعدها سيجده في كل شيء ( في الوردة ، في الفراشة ، في الجبال الشاهقة ، ، في السماء في السحب ، في الذرة ، في الخلية ... إلخ ) وما الأدلة الخارجية والبراهين التي نسوقها إلا من باب: ليطمئن قلبي.
كانت هذه توطئة لموضوعنا وإلى المزيد من الدلالات :-
يعتمد الملحدون في نظريتهم الإلحادية على أن الكون والحياة نشأت صدفة امتدادا أو اعتمادا على نظرية التطور ـ الدارونية ـ والحقيقة أنه تشويه لها فنظرية التطور لم تنكر وجود الخالق ولا تتعارض مع فكرة وجود الخالق بل تدعمها . ملخص تفسيرهم للنظرية .. أن الحياة بدأت نتيجة طفرة عشوائية تبعهتا طفرات عشوائية نتج عنها هذا التنوع الضخم في الكائنات الحية.
رد على هذا التفسير الكثير من العلماء ونقدوه وفندوه . ردودا منطقية علمية وألفت الكثير من الكتب والمجلدات في ذلك وكتب الكثير من المقالات والبحوث . وألقيت الكثير من المحاضرات والندوات في ذلك . لا يمكن استعراضها في مثل هذا المقال المختصر . اخترت لكم بعضها وهي كافية ، أقول : كافية لمن أعمل عقله وفكره وكان يبحث عن الحقيقة لا غير ، أما من يبحث عن ما يوافق هواه أو عقده النفسية أو أفكاره المريضة فلن تكفيه المجلدات ولو كثرت .
لو تأملنا الأفكار الإلحادية لوجدنا أن القاسم المشترك بينهم .. الهوى والشهوات ولذلك هم يطالبون بالحريات فهم على حد زعمهم لا يريدون قيودا أو قمعا لحرياتهم، هم يرون في الأديان وصاية وتدخل في حياتهم الخاصة ، وهم من ناحية أخرى لا يستطيعون الفكاك من القوانين الوضعية التي تضعها بلدانهم . ولذلك الواحد منهم يتجرأ وينتقد الدين والإله ولكنه لا يتجرأ وينتقد الدولة أو يخرج عن قوانينها . إذن محاربة التدين للتخلص من القيود ما هو إلا هراء لأن القيود موجودة موجودة على كل حال .
أيضا من القواسم المشتركة التي يتغنى بها الملحدون .. العدالة فهم يرون أن الحروب والكوارث والفقر والجوع تتعارض مع العدالة الإلهية حسب فهمهم . وهذا فهم سقيم جدا ، ناتج عن قصر نظر للأحداث بشكل عام . تحقيق العدالة المطلقة بين البشر في الدنيا ( المال ، والصحة ، والقوة ، السلطة ) هذا أمر مستحيل بالمنطق ، مستحيل لتفاوت القدرات . ولذك فإن العدالة المطلقة تكون في الأخرة ( البعث بعد الموت ) بمعنى أنه من حُرم شيئا في هذه الحياة الدنيا، فإنه يأخذ حقه في الأخرة على أكمل وجه . ومن هنا فإن إنكار فكرة الإله تنسف العدالة التي ينشدونها .
من الملاحظات أيضا وعلى الكثير من الملحدين أن لديهم نقص أو عقدة نقص .. ـ أمراض ، عاهات ، حرمان ـ إشكالات نفسية ، إشكالات إجتماعية ... إلخ فهم لذلك يصبون جام غضبهم على الإله ويتنكرون له . هذا يذكرنا بالمرأة التي توفي لها خمسة أبناء كل عام يمرض أحدهم ثم يموت ، فهمها القاصر جعلها تقول لو كان هناك إله لما سمح بموت ابنائي كلهم فكفرت بالله لأن عقليتها لم تتحمل ولم تستوعب ما حدث لها . ومثال آخر ستيفن هوكنج عالم الفيزياء المشهور حامل راية الالحاد الحديث ... معاق جسديا إعاقة كبيرة جدا .. المتأمل لنظرياته وتفسيراته يلمس حقده على الإله ولذلك يجتهد في إنكاره إلى درجة تجعله أضحوكة . ماذا يقول :
فسر هوكنج ظهور كوننا واستبدال دورالخالق بخرافة الأكوان المتعددة ، هل تعلمون كم كونا (افترضه) هوكينج بحساباته في كتابه (التصميم العظيم) فقط ليهرب من الاعتراف بالخالق عز وجل وعظمته التي احترمها نيوتن وأينشتين وماكس بلانك وغيرهم من العظماء في الفيزياء ؟ .. إنه (افترض) وجود 10 أس 500 كون !!!! . هذا يشبه تماما أن تأتي بسيارة مفككة إلى أصغر مسمار فيها وموضوعة الأجزاء كلها أمامك ثم يسألك ملحد : كم هي الاحتمالية الرياضية لتركيب هذه السيارة وجعلها تعمل صدفة وعشوائية ؟؟
السؤال أصلا خطأ والإجابة مستحيلة رياضيا !! وذلك لأن الأجزاء لن تتحرك من ذاتها وتتراكب ويدخل بعضها مع بعض إلا بفعل فاعل خبير !! لاحظوا أننا لم نتحدث عن صناعة الأجزاء ، جزءا جزءا وإنما نحن نتحدث عن تجميعها فقط . إذا كان تجميعها بالصدفة المحضة مستحيل فكيف بصناعتها جزءا جزءا وبمقاسات واحجام ووظائف مختلفة وكل جزء يتناسب مع الجزء الأخر .
إليكم المزيد من الأدلة :
بداية أريد منكم فقط أن تتأملوا مكونات الخلية الحية .. الغشاء ، والسيتوبلازم والنواة والعضيات والشبكة الاندوبلازمية والاحماض الأمينية DNA .... إلخ لا أريد أن أطيل عليكم في ذكرها فهي كثيرة جدا جدا ، كل واحدة منها لها وظيفة محدد بدقة متناهية . في الخلية التي لا ترى بالعين المجردة ألفت الكتب والمجلدات وأصبح علم مستقل يدرّس في الجامعات .
هل من ممكن أن تتجمع كل هذا الأجزاء والعناصر مع هذه الوظائف في وقت واحد بمحض الصدفة .. هذا مستحيل حسب العلم .. وعندما أقول حسب العلم فأنا أقصد ( أن العلم وضع شروط صارمة حتى تجتمع كل تلك العناصر وتلك الوظائف بهذا التناسق وهذا الأداء شروطا تؤكد أنه لا يمكن أن يجتمع كل ذلك صدفة ) ولو سلمنا جدلا أنها تجمعت صدفة رغم أن العقل لا يسلم بذلك وكذلك العلم أقول لو سلمنا جدلا أنها تجمعت . الطفرات العشوائية حسب نظرية التطور تجعلها تتكاثر عشوائيا ثم تختار بطريقة الانتخاب والانتقاء الطبيعي . لو سلمنا بحدوث ذلك جدلا في قطعة الحياة الواحدة ـ في العضو الواحد ـ دون بقية الأعضاء . أقول كيف ظهرت الأعضاء الأخرى . الكبد ، القلب ، الكلى ، الرئة .. إلخ ، السؤال الأهم والمستحيل الإجابة عليه كيف تم التنسيق بين الطفرات العشوائية بين مختلف الأعضاء ، طفرات عشوائية بين عضوين أو ثلاثة جعلت بينها ترابطا وتكيفا وتنسيقا واتفاقا رغم صعوبة هذاٍ إلا أنه تجاوزا يمكن تمريره ، ولكن أن تحدث طفرات عشوائية في أكثر من مئة عضو في الكائن الحي في نفس الوقت وتكون متناسبة ومترابطة ومتفقة على تنفيذ وظيفة واحدة .. هذه مستحيلة علميا . بمعنى أكثر وضوح ، طفرة عشوائية في القلب مثلا تتكيف وتتناسب مع وظيفته وفي نفس الوقت مع وظيفة عشرات الأعضاء الأخرى .. هذه لا يمكن أن تكون عشوائية هذه تكسر كل قوانين الاحتمالات الطبيعية .
ولو سلمنا بذلك أيضا جدلا في الكائن الواحد رغم أنها مستحيلة كما ذكرنا .. هنا سؤال لا يمكن أن تجيب عليه نظرية التطور .. كيف حدثت الزوجية ؟ ـ كل من حاول تفسيرها أقصد الزوجية كانت تفسيرات هزيلة غير منطقية ـ .. الكائن الذي يستطيع أن يتكاثر بمفردة ويحافظ على نسله ليس بحاجة إلى كائن أخر ليتكاثر معه هذه قاعدة مهمة جدا ـ وخاصة في قانون الانتخاب او الانتقاء الطبيعي ، جعل الكائن يحتاج إلى كائن أخر هذا يضعفه ويقلل من قوته . اعود وأقول : كيف خلق هذا الزوج ؟ ولماذا كان وجوده ضرورة ؟
إن قضية الزوجية هذه أكبر دليل على بطلان وتهافت وتفاهة نظرية التطور العشوائية بل إنها من أعظم دلائل الإعجاز الرباني . ولذلك ورد ذكرها في القرآن في أكثر من موضع .
الطفرات العشوائية ربما نتجاوز عنها في الكائن الواحد ولكن بين كائنين منفصلين لا يمكن أن يحدث ذلك أبدا ، لأنه حسب نظرية التطور هذا الكائن سيكون عنده طفرات مستقلة ، وهذا الكائن سيكون عنده طفرات مستقلة أيضا . كيف حدثت الطفرات بين كائنين مستقلين منفصلين ليصبحا مكملان لبعضهم البعض وخاصة في الوظائف الحيوية انظروا للجاهز التناسلي والحمل والولادة . هذا التناغم وهذا التكامل لا يمكن أن يكون نتيجة طفرات عشوائية .
أيضا إذا كانت الأنواع قد انحدرت من نوع واحد عن طريق الطفرات ، فلماذا لا نرى في كل مكان أعدادا لا حصر لها من الأشكال الانتقالية ؟ وفقا لما ورد في هذه النظرية، ينبغي أن يكون هناك عدد لانهائي من الأشكال الانتقالية... لماذا إذن لا نعثر عليها مطمورة بأعداد لا تعد ولا تحصى في قشرة الأرض لكائنات في مراحلها الانتقالية ، لماذا لا نجد إلا كائنات مكتملة النمو والأعضاء والوظائف ؟
بل الموضوع ابعد من ذلك .. قلنا أن الخلية الحية معقدة جدا في تركيبها بحيث أنه لا يمكن أن تجتمع عناصرها المختلفة التركيب والوظائف صدفة ولكن وإمعانا في التحدي نحن سنختصر كل هذا المجهود ـ والظروف والطفرات العشوائية ـ ونأتي بخلية جاهزة مكتملة النمو والمركبات والعناصر ـ يعني جاهزة من جميع النواحي ـ ولكنها مستأصلة من الكائن الحي ـ بمجرد أن تنفصل عن الكائن الحي تفقد الحياة ـ هل يستطيع أحد أن يرجع إليها الحياة ؟ رغم أنها جاهزة في مكوناتها وعناصرها لا تحتاج إلى طفرات ولا إلى ظروف . ( أيها الملحدون خذوها جاهزة وأعيدوا إليها الحياة ) .. هذا لا يمكن بل مستحيل . إذن قضية الحياة قضية عميقة جدا ليست مجرد خلية وانزيمات ونواة وطفرات إنها أعمق بكثير وهذا ما يؤكد أنها لا يمكن أن تتشكل عشوائيا
أيضا هناك قضية مهمة ـ أنا أراها كذلك ـ تنسف نظرية التطور العشوائي ألا وهي المشاعر .. مشاعر الخير كالحب والعطف والإيثار والرحمة .. هذه تتنافى مع نظرية التطور التي تعتمد على الانتخاب أو الانتقاء الطبيعي . الانتخاب الطبيعي يعني حياة الغاب يعني البقاء للأقوى . من أين أتت مشاعر الرحمة والإيثار .
وهنا ملاحظة يجب التنبيه عليها في قضية التطور .. التطور والتكيف والتحور الذي يحدث لبعض الكائنات الحية نتيجة لتغير الظروف والبيئات هذا تطور ذكي ناتج عن خالق قادر له إرادة حكيمة عاقلة هذه لا خلاف عليها بل إنها دليل على قدرة الله تبارك وتعالى .
برهان القرد * :
"تقول القاعدة الفلسفية: إن البرهان الفلسفي يعتبر متكاملاً إذا اجتمع فيه الدليل على صدق الرأي، مع الدليل على خطأ الرأي المقابل. لذلك أعجبني كثيراً تفنيد العالم جيرالد شرويدر ( حاصل على الدكتوراه في الفيزياء النووية والكون ) في كتابه علم الإله Science of God) للدليل الذي يسمونه "برهان القرد".
يُشَّبهُ القائلون بهذا الرأي إمكانية نشوء الحياة بالصدفة بمجموعة من القِردة تدق باستمرار على لوحة مفاتيح الكمبيوتر ، ويرون أن القردة يمكن أن تكتب بالصدفة، في إحدى محاولاتها اللانهائية قصيدة لشكسبير Sonnet. ، يبدأ شرويدر تفنيده بعرض تجربة أجراها المجلس القومي البريطاني للفنون، وفيها وضع الباحثون ستة من القِردة في قفص لمدة شهر، وتركوا معها لوحة مفاتيح كمبيوتر، بعد أن دربوهم على دق أزرارها. كانت النتيجة ٥٠ صفحة مكتوبة دون كلمة واحدة صحيحة، حتى لو كانت هذه الكلمة حرف واحد مثل A ، لاحظ أنه لابد من وجود مسافة قبل حرف A ومسافة بعده حتى نعتبره كلمة ، وإذا كانت لوحة المفاتيح تحتوي ثلاثين مفتاحاً فإن إمكانية الحصول على كلمة من حرف واحد بالصدفة، عند كل محاولة، تصبح ١/ ٢٧٠٠٠.
بعد ذلك طبق شرويدر هذه الاحتمالات على قصيدة (سوناتا) لشكسبير، فخرج بنتائج عرضها كالآتي:
1- أحصيت حروف القصيدة فوجدتها ٤٨٨ حرفاً. ماهي احتمالية أن نحصل بالطَرْق على أزرار لوحة الكمبيوتر على هذه السوناتا ( عنوان القصيدة ) بالصدفة ( أي أن تترتب الـ ٤٨٨ حرفاً نفس ترتيبها في السوناتا)؟ إن الاحتمال هو واحد مقسوم على ٢٦ مضروبة ي نفسها ٤٨٨ مرة
2- وهو ما يعادل ١٠(-٦٩٠). وعندما أحصى العلماء عدد الجسيمات في الكون تقريبا ( إلكترونات، وبروتونات، ونيوترونات) وجدوها ١٠(٨٠) أي واحد وعلى يمينه ٨٠ صفرا. معنى ذلك أنه ليس هناك جسيمات تكفي لإجراء المحاولات، وسنحتاج إلى مزيد من الجسيمات بمقدار ١٠(٦٠٠).
٣ - وإذا ما حولنا مادة الكون كلها إلى رقاقات كمبيوتر، تزن كل منها جزاء من المليون من الجرام، وافترضنا أن كل رقاقة تستطيع أن تجري المحاولات، بدلاً من القردة بسرعة مليون محاولة في الثانية، نجد أن عدد المحاولات التي تمت منذ نشأة الكون هي ١٠(٩٠) محاولة. أي إنك ستحتاج مرة أخرى كوناً أكبر بمقدار ١٠(٦٠٠) أو عمراً أطول للكون بنفس المقدار!
إن للصدفة قانوناً، ( قانون الاحتمالات ) فالمختصون لم يتركوا كل مدع ينسب إليها ما يشاء ليستر بها جهله وتهافت أدلته.
بهذا العرض لشرويدر انهار تماماً البرهان العقلي الذي يستند إليه الملاحدة. وإذا أضفنا إلى ذلك قوة البرهان الذي يقدمه التعقيد الهائل في بنية الكون وعمل جزيء الدنا (DNA) اكتمل لدينا البرهان الفلسفي والعلمي على وجود إله حكيم قادر "
من كتاب ـ هناك إله / أنتوني فلو ـ ترجمة عمرو شريف في كتابة رحلة عقل
يقول "أنتوني فلو" أكرر : إنّ رحلتي إلى الإله كانت رحلة عقلية صرفة. لقد تتبعت البرهان إلى حيث قادني، فقادني هذه المرة إلى الإله الحي المكتفي بذاته، الأزلي الأبدي غير المادي، كلي الوجود، كلي العلم، كلي القدرة" (مقالة بعنوان التفكير العلمي والدين / أ.د عثمان حمود )
أيضا مما يبرهن على أن الأقدار مقدرة ومكتوبة ومحسوبة وليست محض صدفة ، الأحلام ـ المنامات ـ يرى الإنسان رؤيا فتأتي بعد زمن كفلق الصبح .. كيف يحدث ذلك لولا أن الأحداث مكتوبة ومقدرة . مهما حاولوا تفسيرها عن طريق العقل الباطن أو الحالة النفسية .. ربما بعضها يمكن تفسيره بهذا المنطق . ولكن الكثير من الأحلام لا يمكن أن يكون نتيجة العقل الباطن . العقل الباطن لا يمكن أن يتنبأ بالغيب ، أشخاص لم ترهم في حياتك ولم تلتقِ بهم أبدا تراهم في المنام ثم تراهم على الحقيقة على نفس هيئتهم التي رأيتها في المنام أيضا احداث ومواقف وأماكن كأنها منسوخة نسخا . هذا يدل على أن الحياة ليست متروكة للطفرات العشوائية إنها محسوبة بدقة .
كثيرا ما يتبجح الملحدون بأن الكون يسير وفق قوانين فيزيائية ثابتة هي التي تحكمه ... لو تأملنا لوجدنا هذه القوانين هي من أكبر الأدلة على وجود الخالق .. القوانين الفيزيائية والكيميائية والحيوية ، قوانين الجاذبية والحركة والسرعة والضغط والصوت والضوء والعناصر .. إلخ هذه قوانين ثابتة ، قانون يعني قيما وقواعد ثابتة ..لا يمكن أن نسمي القانون قانونا إلا إذا كان ثابتا . السؤال هنا هل يمكن أن تنشأ قواعد ثابتة نتيجة الصدفة والعشوائية ، الصدفة والعشوائية لا تجعلها تثبت أبدا ، العشوائية تجعلها متغيرة وهذا ينفي عنها صفة القانون ، كيف ثبتت واستقرت بهذا الإحكام وتوافقت مع بقية القوانين الأخرى . كونها قوانينا ثابتة هذا يدل على أنها لم تأت من فراع ولم تكن نتيجة صدفة عشوائية .
مع العلماء :
ألبرت أينشتاين : صاحب نظرية النسبية اسمه مرادف للعبقرية ماذا يقول عن الإله :
" يؤمن أينشتاين بخالق مطلق العلم ، مطلق القدرة ، لا يحده زمان ولا مكان وقد اطلق أينشتاين في كتاباته على الإله أسماء عديدة ـ عقل علوي سام ـ ، الروح العلوي اللامتناهي ، العقل الفائق .
"يكفينا دليلا على إيمانه مقولته الشهيرة " ”الإله لا يلعب النرد“ يعني أن قوانين الرياضيات والفيزياء أو الكيمياء لا تخطئ أبدا " ( رحلة عقل / عمرو شريف .. . الإله لا يلعب النرد يعني أن العملية ليست عشوائية .. انظروا إلى تطابق في هذا المعنى مع قوله تعالى : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّٱتَّخَذْنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ .
إسحاق نيوتن :
بالرغم من أن قوانين الحركة والجاذبية أشهر اكتشافات نيوتن إلا أنه حذر من اعتبار العالم مجرد آلة، وقال إن الجاذبية تشرح حركة الكواكب لكنها لا تشرح من حرك الكواكب . فالله يحكم كل شيء ويعرف كل ما هو موجود أو يمكن فعله.
" فيرنر هيزنبرج : عالم ألماني يقول : ما الذي يحكم الإبرة المغناطيسية لتستقر تجاه الشمال والجنوب ، إنه نظام مبهر تحكمه قوة حكيمة قادرة ، قوة لو اختفت من الوجود لاجتاحت الجنس البشري مصائب رهيبة ، مصائب أسوأ من الانفجارات النووية وحروب الإبادة "
داروين : عالم البيولوجيا الشهير .. صاحب نظرية التطور
أثبت في سيرته الذاتية ما يلي : من الصعب جداً، بل من المستحيل، أن نتصور أن كوناً هائلاً ككوننا، وبه مخلوق يتمتع بقدراتنا الإنسانية الهائلة، قد نشأ في البداية بمحض الصدفة العمياء، أو لأن الحاجة أم الاختراع. وعندما أبحث حولي عن السبب الأول وراء هذا الوجود أجدني مدفوعاً إلى القول بعقل ذكى، ومن ثم فإني أؤمن بوجود الإله .
تأمل هذا الكلام المهم جدا . ولمن ؟ لصاحب نظرية التطور نفسها ، هذا يعيد إلى العقل رشده ليتفكر في كلام الماديين الملحدين الذين استغلوا هذه النظرية وفسروها بما يتوافق مع أهوائهم .. داروين عندما وضع نظرية أو فرضية التطور وضعها من منطلق علمي بحت لا تتعارض مع الأديان . فداروين حاول أن يفسر تطور الكائنات الحية ولم يقل أنها بدأت بدون خالق أو أنها تحدث بشكل عشوائي أو بمحض الصدفة . بل ونسبوا إليه ما لم يقله «داروين»، لقد جعلوا منها ديانة غير إلهية. وفى ذلك قال عالم الحفريات الصيني الكبير جن يوان شن: في الصين تستطيع أن تنتقد داروين ولا تستطيع أن تنتقد الحكومة، وفى أمريكا تستطيع أن تنتقد الحكومة لكن لا تستطيع أن تنتقد «داروين». لقد أصبح الوسط العلمي يقبل أن تشكك من سرعة الضوء أو مقدار الجاذبية (وهى ثوابت علمية)، لكن لا يقبل أن تشكك في الداروينية. بل لقد أصبح من يعارض الداروينية من أساتذة الجامعة في الولايات المتحدة يُحالون إلى الأعمال الإدارية ويُمنعون من تدريس الطلبة .
ولعنا نختم أقوال العلماء بهذا القول المنطقي للفيسلوف جون فستر أستاذ الفلسفة بجامعة أكسفورد في كتابه ( الإله خالق القوانين ) يقول : إذا أقررنا بوجود قوانين الطبيعة ، فإن هذا الانتظام يمكن تفسيره ببساطه وعلى أكمل وجه بوجود إله حكيم قادر .
يقول "أنتوني فلو": إنه إذا كان هناك إله يسيطر على مصير الإنسان، فمن الحمق ألا نتعرف إليه ونعمل على مرضاته، وإذا كنا عاجزين عن إدراك ما وراء المادة التي ندركها بحواسنا، والتي يتكون منها الدماغ وجميع خلايا الكائن الحي، فلا يعني ذلك أنّه لا توجد قوة تمد هذه المادة بالحياة والبصيرة، ولكن تعني فقط أنّ حواسنا عاجزة عن إدراكها مباشرة. ويلخص شريف (2011، ص93) أقوال هؤلاء العلماء بقوله: "إنّ العلماء المقرين بحكمة إلهية وراء الكون، لا يقومون بتقديم البراهين من أجل الدفاع عن مفهوم فلسفي، ولكنهم يعبرون عن واقع أظهره العلم الحديث وفرضه على العقول المنطقية المنصفة، بحجية أراها ملزمة وغير قابلة للدحض والتفنيد".
( التفكير العلمي والدين / أ.د عثمان حمود )
وبعد أيها الأحبة .. كنت قد جمعت مادة كبيرة في هذا الموضوع ولكني فضلت الاختصار ولا سيما وهي تصب في نفس المعنى وتؤكد نفس الحقيقة .. قلت في نفسي من لم يقتنع بالأدلة السابقة رغم وضوحها فهو مكابر لا يطلب المعرفة ولا يريد الحق ولذلك لن يفيد الاستطراد . ربما نحتاج مقالة أو مباحث أخرى تجيب على بعض الأسئلة العميقة والمتعلقة بهذا الموضوع مثل ( الخير والشر ، والتسيير والتخيير ، والموت والبعث ... إلخ ) ولكنها ليست مجال حديثنا الآن ..
الهدف الأساسي من مقالنا هذا أن نثبت أن هذا الكون لم يخلق عبثا وأن هناك مصمما ذكيا وقوة عظيمة قادرة مهيمنة مسيطرة على كل شيء . وهو الله جل وتبارك وتعالى .
يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ومن السوار ما أحاط بالمعصم
ثم أقول :
إذا تأكدنا أن وراء هذا الكون خالق عظيم قوي قادر .. أليس من العقل ومن الذكاء والحكمة أن نعرف عنه أكثر ونتقرب منه أكثر، لنكون أقوياء أكثر وفي مأمن من الخطر ونضمن السلامة . أليست مغامرة كبيرة وخطيرة أن نتجاهل ذلك ؟
وهنا سؤال مهم جدا له علاقة بموضوعنا وهو :
الأديان والمذاهب كثيرة جدا وكلها تدعي أنها على حق وصواب . كيف أعرف الدين الحق ؟ أو كيف أعرف أني على صواب ؟ .
الجواب على هذا السؤال ليس من السهولة بمكان ويحتاج إلى مجلدات ومجلدات ولكني سوف اعطي قواعد أساسية ستقود الباحث عن الحق للوصول إلى الحقيقة .
الشرط الأول والأساسي : الذي لا بد من توفره في هذا الدين ويتفق مع ما قدمنا في هذا المقال ويتفق مع العقل والمنطق أن يكون هذا الدين أو هذا المذهب يدعو إلى الوحدانية ( دين توحيد ) لا يعترف إلا بإله واحد أحد فرد صمد لا شريك له ولا ند ، قادر مقتدر عليم خبير .قال تعالى في تفسير استحالة وجود أكثر من إله : مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍۢ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ ۚ سُبْحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ .. هذا منطق لا يختلف عليه أحد .
الشرط الثاني : لا بد من توفر منهج أو طريقة نتعبد بها ونتقرب بها لهذا الإله العظيم ـ تشرح طريقة العبادات والمعاملات ـ ، والمنهج هذا لا بد أن يكون من الإله نفسه ولا بد أن يكون صحيحا غير محرف . ومن شروط صحته تواتر الرواة ـ النقل من واحد إلى أخر ـ حتى نصل إلى الرسول الذي أرسله هذا الإله العظيم وكلما كان الرسول قريبا من العصر الذي نعيش فيه كانت الأقوال المنقولة عنه أقرب إلى الصواب . بمعنى أكثر وضوحا لا بد أن نأخذ عن اخر رسول أرسله الله إلى الناس .
الشرط الثالث : أن يكون هذا الدين أو هذا المذهب مكملا لما قبله وأن يعترف ببقية الأديان أو المذاهب السماوية . الأديان السماوية كلها من عند الله لا بد أن نؤمن بها جميعا وهي عبارة عن منظومة عجيبة متقنة ومتفقة تماما تثبت أن الخالق واحد . إذا انكرنا أحد الأديان السماوية أو كذبنا أحد الرسل أنكرنا الباقين بالضرورة لأن المصدر واحد .
هذا ما فتح الله به ويسره وما هو إلا جهد بشري فإن احسنت فمن الله وبتوفيق الله وإن أسأت أو قصرت فمن نفسي ومن الشيطان .

المقطع على اليوتيوب

كتبها / حامد علي عبد الرحمن
للمزيد عن الكاتب انقر هنا



التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:22 مساءً السبت 19 يونيو 1446.