اللزوميات ( مع الاعتذار لأبي العلاء المعري ) / حامد علي عبد الرحمن
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد
لزومياتنا هذه لا تتقاطع مع لزوميات المعري إلا في العنوان فقط .. فلزوميات أبي العلاء في الشعر وفنون الشعر ، فهي لزوميات خاصة ألزم نفسه بها ، بينما لزومياتنا عامة وهي معنوية صرفة ، هنا توظيف مختلف لمعنى اللزوميات ..
لو كنتَ تَعلمُ ما أقولُ عَذَرْتَني
أو كنتُ أجهلُ ما تقولُ عَذَلْتُكا
لكنْ جهلتَ مقالتي فعَذَلْتَني
وعلِمْتُ أنكَ جاهلٌ فعَذَرْتُكا
البيتين السابقين منسوبة للخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس علم العروض ، سمعه أحدهم وهو يقطّع العروض فاتهمه بالجنون فرد عليه بالبيتين السابقين .
فالخليل رحمه الله طبق مبدأ اللزوميات .. يلزم العلم قبل العذل ومن ناحية أخرى عندما نعلم بجهل البعض يلزمنا التماس العذر لهم . هذه قاعدة مهمة في التعاملات .
وهكذا الحياة عبارة عن سلسلة أو مجموعة كبيرة من اللزوميات .. لكل شيء لوازم .. يجب أن تتحقق اللوازم أولاً لتتحقق الأشياء ثانيا .
هناك الكثير من اللزوميات المشتهرة على الألسنة مثل قول الشاعر :
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ الجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ
من لوازم السيادة : الشجاعة والكرم .. لن تكون سيدا في قومك وأنت جبان أو بخيل .
ومثال آخر قول الشاعر :
محبتي فيك تأبى عن مسامحتي
بأن أراك على شيء من الزلل
من لوازم المحبة الصادقة والصحبة الوفيّه الإخلاص في النصيحة .
لن نستطرد في طرح الأمثلة فهي أكثر من أن تحصى .. ولكن سنسلط الضوء أكثر على هذه القاعدة الجوهرية ، القاعدة الإلهية التي تدخل في كل شيء وتحدد مصير كل شيء ،( اللزوميات ) .
تريد أن يحبك الناس .. من لوازم ذلك أن تبدأ أنت بحب الناس ويلزم ذلك أيضا أن تترك الحسد والكره والحقد . ويلزم ذاك العطاء والإيثار في سلسلة من اللزوميات ..
تريد التميز والإنجاز : من لوازم ذلك الجد والاجتهاد والعمل والأخذ بالأسباب .
تريد أن تتغير إلى الأفضل يلزم ذلك أن تبدأ بداخلك .. قال تعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ .
بإمكانك أن تخدع الناس كلهم ولكن من المستحيل أن تخدع نفسك . أو تكذب عليها .. فمن لوازم التغيير أن تكون صريحا مع نفسك ، وعندما تكون صريحا معها اطمئن جدا فعذابات الضمير لن تتركك دون أن تنقلك إلى حال أفضل ، فقط لا تكذب على نفسك وصارحها وسترى العجب العجاب ، بعدها ( لن تكسل ، لن تضعف ، لن تظلم ... ) واحذر ثم احذر ثم احذر أن تغش نفسك أو تكذب عليها حفاظا على النور المتبقي في داخلك فالحق عادة ما يكون واضحا وضوح الشمس فلا تبغ به بديلا .
تريد السعادة : من لوازمها راحة الضمير ، لن تكون سعيدا مهما ملكت ومهما حققت من انجازات في وجود عذابات الضمير .
انكسارات الضمير لا يعادلها أي ذل في الدنيا . وعذاباته تعاسة أبدية .
تريد القوة : من لوازمها أن لا تظلم أبدا ولا تقف إلى جانب الظالم فإن فعلت فسيضعفك الله عاجلا أو آجلا .
تريد العزة والشرف : من لوازم ذلك أشياء كثيرة على رأسها عدم الكذب أبدا مهما كانت الدوافع فالشرفاء لا يكذبون . الناس تحترم الصادق حتى ولو كان عدوا وتحتقر الكذاب حتى وإن كان صديقا
تريد الاحترام والتقدير : من لوازم ذلك أن تكون صريحا في الحق ولا تأخذك في الله لومة لائم وأيضا هذه من لوازم الدين وأيضا من لوازم الرجولة ..
تريد أن يحبك الله : من لوازم ذلك استحضار الله في كل دقائق حياتك ، الله لا يقبل إلا ما كان خالصا ومتكاملا . ( الدين لا يتجزأ ) من لوازم الدين أن تأخذه كله أو ستخسره كله .
تريد أن تحقق المكاسب الكبيرة : من لوازم ذلك المتاجرة مع الله افعل دائما ما يرضي الله ولن تندم أبدا لأنك لن تكون أكرم من الله .
كثيرة هي اللزوميات .. ولكن يكفي ما أوردناه كإضاءة ..
كانت هذه بعض اللزوميات .. الهدف من ذكرها أن نعيد حساباتنا ونعيد ترتيب أوراقنا . حددوا اهدافكم ثم حددوا لزومياتها ثم انطلقوا
للمزيد عن الكاتب / انقر على الاسم / حامد علي عبد الرحمن
مقالات ذات صلة انقر فوق العنوان
هل أنا جدير ؟ وماذا عن الإلهام وما علاقته بالخوف / حامد علي عبد الرحمن
لا أحب الضعفاء / حامد علي عبد الرحمن
خرافة الضمير المجرد / حامد علي عبد الرحمن
ما يبلغ الأعداء من جاهل / حامد علي عبد الرحمن
الناس اعداء ما جهلوا / حامد علي عبد الرحمن
التعليقات