بعض ما تعلمت / حامد علي عبد الرحمن ..
في جلسة من تلكم الجلسات النادرة سألت صاحبي .. ماذا تعلمت من كل تلك السنوات وتلك التجارب وتلك المواقف وماذا أضافت تلك القراءات إليك ..
فأجابني تعلمت الكثير ولا زلت أتعلم ولكن إليك أبرز وأهم ما تعلمت ..
اكتشفت أننا جميعا .. أقصد البشر .. ( إلا من حفظ الله وقليل ما هم ) تسيطر علينا الأنا .. والتكلّف .. لا تغتر بالمثالية التي ندّعي أو الفضيلة التي نزعم أو الأخلاق التي نظهر .. في الحقيقة ما هي إلا تصنُع .. حتى مع آبائنا أو إخواننا أو أصدقائنا .. ( دائما ما تحمل دواخلنا شيئا مختلفا ) .. يفضحنا التعصب !! يفضحنا غضبنا .. لمن ولماذا ؟ يفضحه حبنا ومجاملاتنا .. لمن ولماذا ؟ تفضحنا قلوبنا .. مشاعرنا .. وما تحمله من غيرة وحسد .. يفضحنا تذمرنا من الصراحة وتبرمنا من الصدق وخاصة إذا لامس مصالحنا .
ــ تعلمت أنه كلما تقدم الإنسان في السن كان أكثر حرصا وتمسكا وخوفا على ما جمع من حسنات لا يفرط في شيء منها أبدا . تصبح أغلى من الذهب والجواهر عنده .. ولذلك يعتني بسمعه وبصره ونطقه وحركاته وسكناته . ولا يدخل في أي مغامرات أو ظنون ربما تكون سببا في خسارته
ــ تعلمت أن الإنسان كلما تقدم في السن وأراد أن يكون سعيدا يجب عليه أن يتخلص من كل المسؤوليات وأن يتخفف من كل الأمانات خاصة تلك التي يترتب عليها مصالح الآخرين . لا شيء يعدل راحة البال والهدوء والسلامة ..
تعلمت .. أن الدين أعمق وأبعد وأعظم من مجرد صلاة في المسجد أو ( إطلاق لحية ) أو حتى قراءة قرآن .. الدين المعاملة .. الدين عطاء .. الدين خلق .. ولذلك إذا كنت مقصرا في صلة الرحم أو بر الوالدين أو مع أهلك .. فراجع حساباتك . إذا كنت مقصرا مع جيرانك في الزيارات والتفقد فراجع حساباتك .. ما فائدة الصلاة إذا كان يغيب جارك عن المسجد أياما ثم لا تتفقده ولا تسأل عنه .. ما فائدة الصلاة إذا دخل جارك المستشفى وخرج ولم تزره .. ما فائدة الصلاة إذا كان جارك محتاجا أو في ضائقة ولم تخفف عنه .. الدين ليس مجرد صلاة .. الدين عطاء
ـــ تعلمت إن الإنسان يكبر ويعلو ويعظُم بدينه وعلمه وخلقه وعطائه .. لا بمنصبه ولا بجاهه ولا بعمره ..
وان كبيــر القـوم لا علم عنــده
صغير اذا التفّت عليه الجحافــلـ
يقول أنا الكبير فعظموني ... ألا ثكلتك أمك من كبير
إذا كان الصغير أعم نفعا .... وأجلد عند نائبة الأمور
ولم يأت الكبير بيوم خير .. فما فضل الكبير على الصغير
ـــ تعلمت أن أحترم وأقدّر الصادق حتى وإن كان عدوي وأن أحتقر الكذّاب حتى وإن كان صديقي . لا شيء يقدح في الرجولة قدر الكذب بل يهدم الرجول هدما تاما
ـــ تعلمت أنّ أقبح صفات الرجال البخل والجبن .. لا تأمن البخيل ولا الجبان ولا تعتمد عليهما .
ـــ تعلمت أن لا أتضايق من عتب الأصدقاء ولا من صراحتهم حتى وإن كانت قوية .. الصديق الصريح الصادق عملة نادرة في هذا الزمان الذي طغت فيه المجاملة والنفاق .
ــــ تعلمت أن من يتهرب من مسؤولياته وخاصة الأسرية هو الأقل مروءة وشهامة بين الرجال .
ـــ تعلمت من المواقف الصعبة التي مرت عليّ الصبر والجلد والحكمة .. وكشفت لي الشدائد المنافقين والوصوليين وأصحاب المصالح ..
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن عرفت بها عدوي من صديقي
الشدائد مثل الحُمّى أجاركم الله .. مؤلمه ولكنها تساعد في التخلص من الفيروسات والبكتيريا .. الشدائد مثل النار ولكنها ضرورة لصقل المعادن وإخراج خبثها .. الشدائد تفتك بالحشرات الضارة من حولنا كما يفعل المبيد .. الشدائد مثل النظارة السحرية تكشف لنا المستور .
ـــ تعلمت أنّ عليّ أن أعمل وأبذل جهدي دائما وأبدا ويبقى الوصول مرهون بتوفيق الله ، تكفيني المحاولات شرفا . إن أكبر نجاح يمكن تحقيقه هو التحرر من الكسل والعجز والضعف إن أكبر نجاح هو في المحاولة نفسها حتى وإن لم يتحقق النجاح المأمول .
تعلمت أن أتعلم .. فإن أكبر معصية يُعصى الله بها هي الجهل لمن يستطيع أن يتعلم .
ـــ تعلمت أن أغلى ما يملك الإنسان ضميره .. فإذا مات الضمير فلا شيء يعوضه ولذلك أبذل قصارى جهدي لأبقيه حيا ..
ـــ تعلمت أن المجاملة الزائدة ( التطبيل ) لمن لا يستحق نفاق وهوان وذل
ومن يهن يسهل الهوان عليه ..... ما لجرح بميت إيلام .
ـــ تعلمت أن احترم الأخرين واقدر عقولهم وارائهم .. احترام الرجال وتقديرهم عزّ ورفعة .. ولذلك تعلمت أن لا أهمش أحدا ولا أتجاهل أحدا ولا أتكبر على أحد ..
فمن هاب الرجل تهيبوه .... ومن حقر الرجال فلن يهابا
ـــ وأخيرا وأولا تعلمت .. ــــ تعلمت ولا زلت أتعلم ..
ومن أفضل ما تعلمت أنه لا أمانة لمن لا دين له وأن من ضيّع الصلاة سوف يضيعني وأن من عق والديه لن يكون وفيّا معي وأن من قطع رحمه سوف يقطعني وأني لن أكون خير عنده من ربه ووالديه ورحمه . وتأكدت أن من أضاع طريق المسجد لن يتذكر طريق منزلي
كتبها / حامد علي عبد الرحمن ..
التعليقات