ماذا يعني أن تدرك رمضان / حامد علي عبد الرحمن
خطبة جمعة / .. بدون المقدمة والخاتمة .. جامع قرية خفه
أن تُدرك رمضان هذا يعني للعاقل النّبيه .. أشياء كثرة جدا ..
أولها .. يعني أن الله يحبك ويريد أن يكفر عنك ذنوبك ويتوب عليك ... صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه .. أي مطلب للعاقل أكثر من هذا .. غفر له ما تقدم من ذنبه .. الغدرات .. والفجرات .. والتجاوزات .. وذنوب الخلوات .. كلها تغفر لك .
تخيل أن تكون مدينا بمئات الآلف من الريالات .. ثم يأتي صاحب الدين ويقول لك عفوت عنك وسامحتك ..
بل أكثر من ذلك يبدل الله سيئاتك حسنات ويزيدك من فضله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف , قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به , يدع طعامه وشرابه من أجلي .. الخ الحديث .
ماذا يعني أن تدرك رمضان .. يعني أن الله قبض روح غيرك وأمهلك ... وسوف يأتي رمضانات يكون قبض روحك وأمهل غيرك ..اعطاك الآن الفرصة وربما لن تتكرر .. سوف يأتي رمضانات لن تكون موجودا في الدنيا ..
ماذا يعني أن تدرك رمضان .. يعني في نظر الموفقين حياة جديدة وعالم جديد وبداية جديدة .
في رمضان ينكشف الصادق من الكاذب .. في رمضان ينكشف أين الخلل .. من استمر في رمضان على ما هو عليه من لهو وعبث وتقصير فإنه قد ساوى نفسه بالشيطان ومشكلته مع المعاصي ليست في وسوسة الشيطان .. بل في نفسه الأمارة بالسوء
إن اعدى اعداء الإنسان الشيطان .. كما قال تعالى : ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ... ففي الغالب هو سبب تقصيرنا وسبب بعدنا عن الله وسبب اللهو والعبث .. فقد تعهد لله جل وتبارك وتعالى بغواية بني آدم وتضليلهم .. في رمضان كفيناه بفضل الله ورحمته .. وأصبحت التوبة أسهل والطاعة أيسر .. يالها من فرصة عظيمة .. أن تتخلص من الشيطان ووساوسه ولو قليلا .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة ،وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم.
من لم يتب في رمضان.. من لم يؤثر فيه رمضان فاليراجع حساباته فإن مصيبته في نفسه عظيمة
كل الشياطين قد باتت مصفدة *** فما السبيل إذا الشيطان إنسان
ماذا يعني أن تدرك رمضان ؟
يعني أنك ادركت شهر القرآن شهر العتق من النيران .. شهر الخيرات .. شهر مضاعفة الحسنات ..
أيها الأحبة مع ما في هذا الشهر الكريم من البركات التي لا تحصى ولا تعد إلا أن هناك أناس لن يستفيدوا منه واضاعوا هذا العرض الكبير .. إنهم المحرومون وأي حرامان أكثر من ذلك قال صلى الله عليه وسلم : رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر
وقال صلى الله عليه رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ
وفي الحديث الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صعود المنبر قال آمين وكررها ثلاثا واحدة منها عندما قال جبريل من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ..
ابعده الله .. ماذا أكثر من الإبعاد .. ومن يتحمل ذلك .. الأمر جد خطير .. جنة أو نار قبول أو إبعاد .. لا ينبغي التهاون .
وحتى ندرك رمضان كما ينبغي .. وحتى يغفر لنا .. رمضان أيضا يعني أشياء أخرى كثيرة ..
يعني شد المئزر والتأهب والاستعداد والصبر .. يعني القيام .. يعني قراءة القرآن .. يعني الوقوف والتضرع والبكاء والدعاء .. يعني الاعتكاف والخلوة والذكر
يعني الإحساس بالفقراء والمحتاجين ولذلك فهو يعني الجود والكرم والعطاء والإنفاق والصدقة .. في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان
وقال صلى الله عليه و سلم : من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء .
ماذا يعني رمضان ؟ .... رمضان يعني الكثير .. يعني الأخلاق الفاضلة يعني ترويض النفس وتذليها والتخلص من كل العادات والسلوكيات التي لا ترضي الله تعالى .
قال صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
أيها الأحبة ..
إدراك رمضان يعني الحظ لمن وفقه الله .. ويعني الحرمان لمن خذله الله .. يعني القبول أو الرفض .. فرمضان حجة لك أو عليك ..
أيها الأحبة هنا إشارات لبعض دلائل التوفيق .. وعكسها تماما لا شك إنه من دلائل الخذلان اجاركم الله من الخذلان ..
أول دلائل التوفيق وعلامات القبول وأكثرها وضوحا .. المحافظة على جميع الصلوات الخمس في وقتها وفي المسجد . فإن كنت مقصرا فيما سبق فاعقد النية والعزم على تلافي القصور ... وسوف يعينك الله عليها
الصلاة .. الصلاة كما قال صلى الله عليه وسلم إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر ..
ومن علامات التوفيق القيام قيام الليل .. وترك مجالس اللهو والعبث والعادات السلبية
ومن دلائل قلة التوفيق والعياذ بالله .. السهر في غير عبادة حتى ولو كان مباح ينبغي أن يكون لرمضان خصوصيته وقدسيته السهر حتى ولو كان مباحا يجر إلى الغيبة والنميمة يجر إلى النظر إلى الحرام وسماع الحرام ومتابعة القنوات والمسلسلات . وإلى الغفلة
وهذه والله كلها من دلائل قلة البركة وقلة التوفيق نسأل الله السلامة .
من علامات التوفيق .. الاستعداد مبكرا للحظات الإفطار بالوضوء والذكر والدعاء ومن علامات قلة التوفيق .. التشاغل عن هذه اللحظات الهامة بالجوال والرسائل والمقاطع والقنوات .
ومن علامات التوفيق عموما .. القيام بإعمال البر والخير والتسامح والعفو وصلة الأرحام .
والخلاصة أيها الأحبة : من كان مقصرا قبل رمضان .. فهذه فرصة عظيمة وربما تكون الأخيرة لمن أن أراد أن يلحق بالركب وربما يسبقه .. فرصة للتطهر والتخلص من جميع الذنوب .. غفر له ما تقدم من ذنبه .. أي عرض أكبر من هذا .. وكلها أيام معدودة ..
ومن كان محسنا من قبل فاليزد إحسانا إلى أحسانه وعطاء إلى عطائه .. وليسابق فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
التعليقات