• ×

08:56 مساءً , الثلاثاء 1 يونيو 1446

كيمياء الأمل / خطبة جمعة جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1146
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 كيمياء الأمل / خطبة جمعة جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
الحمدُ لله نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونستهدِيهِ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فهوَ المهتَدِ، ومنْ يُضْلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليًا مُرشِدًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلّى اللهُ عليهِ وعلى أله وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
أيها الإخوة الكرام :
حديثنا اليوم سيكون عن كيمياء الأمل وسره العجيب ..
ماذا يعني الأمل ... الأمل هو ذلك الشعور أو تلك العاطفة التى يشعر معها الإنسان بالتفاؤل والإيجابية تجاه ذاته وتجاه الآخرين ، وبالتالي اتجاه اهدافه وهو ذلك الشعور الذى يجعله قادراً على التفاعل والتكيف مع كافة الظروف ويدفعه إلى الاستمرار والإصرار دون يأس أو قنوط .. هو ذلك الشعور الذي يجعل النملة ... تحاول عشرات المرات .. دون كلل ولا ملل ... وفي الأخير تنجح .
الأمل هو ذلك الشعور الذي يشعر به الأب عندما يسجل ابنه في المدرسة ..
وهو ذلك الشعور الذي يشعر به المزارع عندما يحرث الأرض ويبذر البذور
وهو ذلك الشعور الذي يشعر به المريض عندما يتجرع الدواء المر
هو ذلك الشعور الذي يدفعنا للعمل والدراسة .. يدفعنا إلى الجد والاجتهاد والصبر
باختصار كبير الأمل هو الحياة .. فبدون الأمل لا تصلح الحياة ..
أُعَلِّلُ النَّفــْسَ بـالآمــال أَرْقُـبُــها ما أَضْيَقَ الْعَيْـشَ لولا فُسْحَة الأمل
والأمل هو انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات ؛ بحيث ينتظر الإنسان الفرج واليسر ، الأمل يدفع الإنسان دائمًا إلى العمل، ولولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة العمل .. وتعطلت الحياة . إذا لا عمل بدون أمل .. عندما يستولي اليأس والقنوط ولإحباط على النفس .. يتوقف العمل والإنجاز .
في كل مشاريعنا وخطواتنا في هذه الحياة نعيش على الأمل .. فهو طاقة يودعها الله في قلوب البشر؛ لتحثهم على تعمير الكون ، إلى اخر لحظة .. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا فلولا الأمل ما بنى بانٍ بنيانًا، ولا غرس غارس شجرًا...ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، ذلك لأن المخترع لم يتمكن من تحقيق إنجازه من أول مرة في أغلب الأحيان، وإنما حاول
تحقيقه مرة بعد مرة دون يأس أو ملل ، ولذلك قيل: الأمل يصنع المعجزات .. فهو يُنَمِّي الطموح والإرادة ، لو لم يكن في الأمل إلا حسن الظن بالله .. لكفاه ..
ولو لم يكن في اليأس إلا .. القنوط من رحمة الله .. لكفانا ذلك سببا للبعد عنه
بات في ظلمات البحر واعماقه , وفي بطن الحوت ..وهذ يعني موتا محققا في معايير البشر . فمن اين النجاة .. ولكن من بين تلك الظلمات , يشرق له نور الأمل ... الامل بالله الخالق اللطيف .. الامل برحمة الله الواسعة التي ملأت كــل شيء .. لم يقف مكتوف الأيدي بحث عن طــريق للنجاة فأخذ يسبح الله ويــذكره .. فلفظه الحوت على ساحل البحر لولا الامل في نفس يونس عليه السلام ولولا تسبيحه لله وتضرعه وذكره له لم يكن له أن يعرف معنـى النجــاة والحيـاة من بعد موت محقق ..
قارنوا قصته عليه السلام بقصة هذا الرجل التي سأوردها لكم الآن : كان هناك ثلاجه كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية وفي يوم من الأيام دخل عامل إلى اليها
وكانت عبارة عن غرفة كبيرة دخل العامل وفجأة وبالخطأ أغلق الباب عليه .. طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له .. كان ذلك في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع حيث إن اليومين القادمين عطلة فعرف الرجل أنه سوف يهلك لا محالة !! جلس ينتظر مصيره وبعد يومين فتح الموظفون الباب وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي ووجدوا بجانبه ورقه كتب فيها ما كان يشعر به قبل وفاته وجدوه قد كتب :ـ أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة أحس بأطرافي بدأت تتجمد أشعر بتنمل في أطرافي أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك أشعر أنني أموت من البرد وبدأت الكتابة تضعف شيئاً فشيئاً حتى أصبح الخط ضعيفاً وانقطع .... العجيب بل العجب العجاب أن الثلاجة كانت مطفأة ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً .
برأيكم من الذي قتل هذا الرجل ؟؟ القاتل لم يكن سوى اليأس والوهم الذي كان يعيشه كان يعتقد بما أنه في الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر وأنه سوف يموت اعتقاده هذا جعله يموت حقيقة و لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن للرسائل السلبية الموجهة إلى العقل الباطن للإنسان تأثيراً فعالاً وخطيراً على أفكار الفرد ومعتقداته وبالتالي سلوكه وتصرفاته فعندما يستقبل أحدنا رسائل سلبية ويسمح لها بالتأثير عليه .. سوف تقلل من قدرته وإمكاناته أو من مواهبه وأفكاره فعند استسلام الفرد لهذه الرسائل وتصديقها تدخل إلى عقله الباطن وترسخ فيه وتكون سببا في فشله .
أستاذ جامعة كان يعمل تجارب نفسية على الفئران.. واحدة من تجاربه كانت إحضار مجموعة من الفئران ووضع كلا منها في إناء زجاجي كبير ممتلي لمنتصفه بالماء.. الإناء زجاجي وكبير حتى لا يستطيع الفأر التعلق بمخالبه أو القفز خارج الإناء. كان يحسب الوقت الذي سيستمر فيه كل فأر في السباحة ومحاولة الخروج قبل الاستسلام للغرق.. طبعاً كان هناك اختلاف بين كل فأر وآخر... لكن في المتوسط كان الفأر يحاول لمدة 15 دقيقة تقريباً ثم يستسلم للغرق. قام بإعادة التجربة لكن مع بعض التغيير.. عندما يرى الفأر في لحظاته الأخيرة، وأنه على وشك الاستسلام، كان يقوم بإخراجه من الإناء وتجفيفه ويتركه يستريح لبعض الوقت.. ثم يضعه مرة أخرى في الإناء ! فعل ذلك مع كل الفئران ثم أخذ يحسب متوسط الوقت في المرة الثانية للفئران.. تذكروا أن المتوسط الأول كان 15 دقيقة تقريباً.. كم تتوقعون أن يكون متوسط الوقت في المحاولة الثانية؟ كان أكثر من 60 ساعة!! (ساعة وليس دقيقة).. وهناك فأر استمر لمدة 81 ساعة تقريباً.
من 15 دقيقة .... إلى ثلاثة أيام تقريبا ... انظروا الفارق الكبير .. عند تحليل التجربة نجد السبب الرئيسي لهذا الجلد والصبر هو أن الفئران في المحاولة الأولى فقدت الأمل بسرعة بعد أن تأكدت أنه لا سبيل للخروج.. في حين في المرة الثانية؛ كان لديها خبرة سابقة بأن هناك أمل وأنه في أي لحظة قد تمتد لها يد العون لتنقذها لذا استمروا أكثر في انتظار تحسن الظروف.
إنهاء كيمياء الأمل أيها الكرام إنها الخلطة السرية للنجاح . إنه الاستمرار وعدم اليأس


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية :

الحمد للَّهِ الذي سبحت الكائنات بحمده ، وعنت الوجوه لعظمته ومجده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى أله وسلم .. أما بعد
قال الله تعالى: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ وقال تعالى : إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
أيها الأحبة : الحياة أمل فمن فقد الامل فقد الحياة ... اتعس الناس وافقرهم اليائسون الذين ليس لديهم امل .
الامل هو تلك الشحنة والقوة , الامل هو تلك الجاذبية الى العمل والإنجاز والدافعية إلى الامام والمستقبل . والامل هو طاقة لا تفنى ولا تتلاشى
الامل : هو ذلك النور الذي يشرق على ظلام اليأس ويشرق على المستحيل فيحيله إلى ممكن , هو تلك الشعلة وذلك النور الذي لا يراه ُ الا الطامحون والعاملون والمشمرون عن سواعد الجد ..
لا يمكن أن يجتمع اليأس والنجاح .. كما إنه لا يمكن أن يجتمع الأمل والفشل .
في تجربة الفئران التي اوردناها في الخطبة الأولى .. هناك نقطة مهمة جدا ينبغي إلقاء الضوء عليها .. وهي مدى ارتباط القدرة الجسدية بالحالة النفسية.. الأمر خطير فعلاً.. قد ينام أحدهم عدد ساعات كافية من النوم، ومع ذلك لا يريد الاستيقاظ أو يصعب عليه . ويشعر أنه ليس لديه طاقة لذلك ! في حين أن بعضهم قد ينام ساعة واحدة ثم يقفز من سريره بسرعة وكأنه نام ساعات طويلة ... وقد تجلس في البيت وتظن أنه ليس لديك قدرة على العمل وليس لديك ما يكفي من الطاقة.. وفي الحقيقة لديك ما يكفي ويزيد لكنك فقط ليس لديك رغبة في العمل .. السر يكمن في الداخل .. والطاقة تأتي من الداخل .. السر يكمن في الرغبة في تحقيق الهدف وهذا لا يأتي إلا إذا كان هناك أمل .. فالأمل مرتبط بالأهداف ..
ونلاحظ كثيراً كيف أن معظم البشر يستطيعون بذل مزيد من الجهد عندما يجدون التشجيع.. ويتوقفون عن العمل عندما لا يجدون التقدير الكافي . هذا أمر خطير جداً.. ذهنك يفرض قيودا على قدرات جسدك.. أو على الأقل يوهمك بوجودها قال ابن القيم رحمه الله: الحُزن يُضعفُ القَلب، ويُوهنُ العزم، ويضر الإرَادَة .
والخلاصة أيها الأحبة .. أن الأمل هو الوصفة السحرية للنجاح وتخطي العقبات وتجاوز الصعاب .. ولكن ينبغي أن نفرق بين الأمل والتمني ..
الأمل : لا يكون أملا إلا إذا كان مصحوبا .. بالعمل .. بالطموح .. بالصبر فاذا لم يكن كذلك فانهُ يصبح تمنيا , والتمني هو سلاح العجزة .. ورد في الحديث عند الترمذي قال صلى الله عليه وسلم العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ... الكثير منا لديه طاقات ولكنها مهدرة للأسف .. لديه إمكانات ولكنها معطلة للأسف .. من المسلمات هنا .. القاعدة التي تقول : .. ما تحقق لغيري فهو ليس صعبا أو مستحيلا .. إذا يمكننني تحقيقه ...
وتذكروا أن الفرق بين وأحد وأخر فقط هو في الأمل .. واليأس
وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المُنكر يا سميع الدعاء . اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ ، اللهم أنصر جندونا المرابطين على الحدود اللهم اصلح أحوالَهم، اللهم اربط على قلوبهم واهزم عدوك وعدوَّهم. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد .
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:56 مساءً الثلاثاء 1 يونيو 1446.