• ×

07:34 صباحًا , الأحد 20 يونيو 1446

ماذا بعد رمضان ؟ .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1028
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 ماذا بعد رمضان ؟ .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
الحمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ، وأشهد أنْ لاَّ إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ جعلَ لكلِ أجلٍ كتاباً ، ولكلِ عملٍ حساباً ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، أرسله الله شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * صلى الله عليه وعلى آلِهِ وصحبهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.
أما بعدُ : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا قال تعالى
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾
أيها الأخوة الكرام :
كعادته يأتي سريعاً ويمضي سريعاً، ودعنا شهر رمضان المبارك بنهاره الجميل ولياليه العطرة .. ودعنا شهر القرآن والصبر والتقوى ، شهرَ العزة والكرامة والجهاد ، والمجاهدة شهرَ الصدقة والرحمة ، شهرَ المغفرة والعتق من النار... إن شهر رمضان قد قوض خيامه وفك أطنابه وقد أودعناه ما شاء الله من الأعمال .. والأعمال مخزونة محفوظة كما قال صلى الله عليه وسلم يوم ينادي ربكم: " يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه " رواه مسلم.
رمضان سوق قام ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، فمن كان محسناً فليحمد الله وليسأله القبول والثبات فإن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، ومن كان مسيئاً فليتب إلى الله فباب التوبة مفتوح والله يحب التوابين نسأل الله أن يغفر لنا ولكم ما سلف من الزلل وأن يوفقنا وإياكم للتوبة النصوح قبل حلول الأجل.
إخواني الكرام : ماذا بعد رمضان وهل هناك علامات لقبول صيامنا وقيامنا
لا شك أن التاجر الحريص بعد الموسم يجمع أوراقه ويعيد حساباته ويحسب ارباحه
ورمضان كان موسم الخير والعطاء والهبات والعتق من النار .. وإن من الحكمة أن نعيد حساباتنا .. فننظر هل ربحنا أم خسرنا ..
أيها الأحبة في الله : إذا تولى الربيع خلف وراءَه في الأرض الخِصْب والنماء والخضرة والنضارة فيرتع في خيره الإنسان والحيوان سائر العام كُلِهِ، لقد كان رمضان ربيعاً وواحة خضراء وحديقة غناء .. كان ذخيرةً للنفوس المؤمنة تتزود فيها بوقود الطاعة وتتغذى بزاد التقوى لقد كان الشهرُ الراحلُ ميداناً لتنافس الصالحين بأعمالهم, ومجالاً لتسابق المحسنين بإحسانهم ، وعاملاً لتزكية النفوس وتهذيبها وتربيتها.. لكن بعض الناس للأسف ما إن خرجوا من رمضان إلى شوال حتى خرجوا من الواحة الخضراء إلى الصحراء القاحلة ومن الهداية إلى التيه ومن السعادة إلى الشقاوة .
وإن لقبول الصيام والقيام لعلامات منها :-
الثبات على الأعمال الصالحة .. الثبات على صلاة الجماعة .. الثبات على قراءة القرآن .. الثبات على الصلة والعطاء .. الثبات على الأخلاق الفاضلة ..
وهناك علامات أخرى للأخذ لان والعياذ بالله منها :
الإنتكاسة والرجوع إلى التقصير وإلى الذنوب وإلى هجر القرآن .. كان صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور " أي النقصان بعد الزيادة و فساد الأمور بعد صلاحها"
قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ .. وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَّ َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ..
لا تبطلوا ذلك السجود وذلك القيام .. لا تبطلوا تلك الساعات الطويلة التي قضيتموها في المناجاة وفي الدعاء وفي قراءة القرآن .. لا تخسروا ما جمعتم في متعة فانية أو لذة عابرة .. لا تجعلوا للشيطان إليكم سبيلا فإنه الأن يتربص بكم لأنكم خرجتم من رمضان أغنياء تملكون جبال من الحسنات فأنتم الآن هدف كبير له .
أخي الكريم : كنا لا نراك إلا ساجداً أو قائماً أو تالياً للقرآن أو باكياً حتى كنا نشفق عليك من شدة اجتهادك وعبادتك ونشاطك .. فما بالنا نرى الفتور ليس في السنن والنوافل وحسب بل في الفروض ما بالنا نرى التقصير .. ما بالنا .. نرى الهوى والشهوات .. وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم
البعض ما إن ينقضي الشهرُ حتى يعودَ إلى التفريط والمعاصي فبعد أن عاش شهراً كاملاً مع الإيمان والقرآن وسائر القربات يعود إلى الوراء منتكساً أو مرتداً والعياذ بالله
أيها الأحبة
تخيلْوا تاجراً جمعَ أموالاً وعقاراً ودُنياً وهوَ في جَمعِهَا مجدٌ ومجتهدٌ ؟ ثم لما بلغَ قمةَ الهرمِ واستوفى العزةَ والجاهَ فتحَ الخزائنَ للسُراقِ واللصوص وتركَهَا للقوارض والعوادي دونمَا حِفظٍ أو حِراسةٍ أو مُلازمةٍ ، إذا تضيع أمواله في طرفة عين ... كذلكَ الحسنات التي جمعناها في رمضانَ إذا لم نحرُسَها بالثبات والاستقامةِ والمداومة ضاعتْ وأصبحتْ هباءً منثوراً نسأل الله السلامة .. بل إنها أكثر ضياعا من المال .. وربما تزول في أقل من طرفة عين .. بمجرد النية .. إنما الأعمال بالنيات فاحسنوا النيات ..
هناك أقوام أضاعوا رمضان مع آخِرِ لحظةٍ منهُ ، البعض استقبلَ العيدَ مودعاً لكلِ خيرٍ ألفهُ ولكلِ عملٍ صالحٍ عَمِلَهُ ... ذلك هو الخسران المبين .
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.












الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من أضاع أمره وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا إله غيره ولا رب لنا سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن أقام أمره واجتنب نهيه ودعا بدعوته واهتدى بهداه ...
أما بعد عباد الله :
ولى شهر رمضان ولا ندري أندرك الشهر الأخر أم لا: (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكملُه ومؤملٍ غداً لا يدركُه..
أيها الأحبةُ : إنَّ لنا في انقضاءِ رمضانَ بهذه السرعة لعبرةٌ وعظةٌ ، انقضتْ تِلكُمُ الأيامُ وكأَنها طيفُ خيالٍ .. مضتْ تلكَم الأيامُ لِنقطَعَ بها مرحلةً مِنْ حياتِنَا لَنْ تعودَ إلينا أبداً وإنما يبقى لنا ما أودعنَاهُ فيها مِنْ خيرٍ أو شرٍ، .
أيها ألأحبة : الله في كل زمان وفي كل مكان ليس لعبادته زمان محدد أو مكان محدد وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ .. والمراد استمرار العبادة مدة حياته
ليسَ في الدينِ إجازةٌ أو انقطاعٌ أو استراحة .. بل إن الدين هو الراحة والسعادة قيلَ للإمامِ أحمدَ رَحِمهُ اللهُ متى الراحةُ ؟ قالَ : عندَ أولِ قدمٍ نضعُهَا في الجنةِ .
قال تعالى : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ) قال السُديُ رحمه الله : هذه امرأةٌ خرقاء كانت بمكة كلما غزلت شيئاً نقضته بعد إبرامه,
أيها الناس : بئس القوم الذين لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان هؤلاء لم يعرفوا الله حقا وما قدروه حق قدره .. إن من عرف الله حقا لا يتركه ولا يستبدله بغيره .. لا يترك طاعته .. ولا يهجر عبادته .. لا يترك وسيلة تقربه إلى الله إلا أخذ بها ..
عباد الله : لئن انتهى موسمُ رمضانَ وانقضى موسمُ الدعاءِ والقيامِ فبين أيدِينا مواسمُ متعددةٌ وفرصٌ متواليةٌ ..
ولئن انتهى صيام رمضان فإن الصيام بحمد الله لا ينتهي ومواسم الخير تتوالى والهبات تستمر والفرص لا زالت عظيمة : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : في الحديث الصحيح : ( مَنْ صامَ رمضانَ وأتبعهُ ستاً مِنْ شوالَ كانَ كصيامِ الدهرِ كُلهِ )، وهي مستحبةٌ وغيرُ واجبةٍ ، ويصحُ صَومُهَا متفرقةً في أول الشهر ووسطه وآخره ، والأَولى المبادرةُ بالقضاءِ قبلَ صيام الستِ .
وهناك صيام الأثنين والخميس .. وصيام الأيام البيض .. وأمامنا عشر عظيمة هي عشر ذي الحجة .. كلها فرص عظيمة لمضاعفة الحسنات .. هذا غير الذكر والدعاء والاستغفار والصدقة .. والصلاة .. الصلاة .. إنها عماد الدين ولا تقبل الأعمال إلا بها .. فمن حفظها حفظه الله .. ومن اضاعها فلا يرجو شيئا بعدها
من لطف الله ورحمته أن احاطنا وغمرنا بموارد عظيمة لكسب الحسنات وتكفير السيئات .. السعيد حقا من استغلها أفضل استغلال والمحروم من مرت عليه الأيام والساعات .. لاه .. ساه ..
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا سميع الدعاء . اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ ، اللهم اصلح أحوالَهم، واهزم عدوك وعدوَّهم.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد .
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:34 صباحًا الأحد 20 يونيو 1446.