• ×

09:24 مساءً , الثلاثاء 1 يونيو 1446

صنائع المعروف .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  2142
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 صنائع المعروف .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
قال صلى الله عليه وسلم : صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف ..
أيها الأحبة : صنائع المعروف .. وما ادراك ما صنائع المعروف ذلك الجندي الخفي صاحب القوة العجيبة .. كم من إنسان نجّاه الله من مصارع السوء بسبب فعله للخير؟ وكم إنسان حفظ الله ماله من الضياع والسرقة والتلف بسبب إحسانه إلى الناس؟ وكم من إنسان نجاه الله من الحوادث المميتة بسبب معروفه إلى الناس؟ وكم إنسان حفظ الله أولاده وأهله من المهلكات بسبب صنائعه للمعروف وأياديه البيضاء ؟
وعندما نقول إن صنائع المعرف تقي مصارع السوء نقصد من المعروف ما كان خالصا لله تعالى .. وما كان عند الله ولله وفي الله فلا يضيع أبدا قال تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا)) وقال تعالى : (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ)
وقال تعالى : إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ .
عند الشدائد والمحن.. عند الضيق والكُرب .. عند المصائب والفتن .. عند الهموم والاحزان .. عندما تتوقف الوسائل وتحار العقول ويعجز الإنسان وتضيق عليه السبل .. عندها .. تأتي صنائع المعروف لتفتح المغلق وتلين الحديد وتذيب الصخر تأتي كطوق نجاة .. ليصبح المستحيل ممكن والصعب سهلا .. كيف ؟ ذلكم الله .. القادر على شيء .. أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. هنا تكون الكرامة والمعجزة لعباد الله المتقين .. قال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وقال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ..
هذا سيدنا يونس- عليه السلام عندما وقع في بطن الحوت، وعاش في الظلمات، وأصبح في شدة ومحنة .. فرج الله عنه بسبب أنه كان من المسبحين ، قال الله تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾.
قال تعالى: فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾. لولا حرف امتناع لوجود، أي لولا عمله الصالح، لولا صنائع المعروف، لولا التسبيح الذي فسره العلماء بأنه الصلاة والعبادة، لبقي في بطن الحوت إلى يوم يبعثون.. فالمعروف كان سببا في خلاصه من محنته،
وقصة الثلاثة الذي سدت الصخرة عليهم مدخل الغار خير شاهد وخير دليل على أن صنائع المعروف تكون سبب في الفرج . فقد استغاثوا والتجوا إلى الله بصالح أعملهم ففرج الله همهم وازاح الصخرة عنهم . هذه القصة تبين لنا أن المعروف والعمل الصالح الخالص لوجه الله تعالى، سبب في نجاة صاحبه من الشدائد و أن الحسنة البيضاء، النقية الخالصة من الرياء، تنفع صاحبها في المحنة السوداء.. قال صلى الله عليه وسلم : انطَلَقَ ثَلاثَةُ ٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ. قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولاَ مالاًفَنَأَى بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَميَّ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ. قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ.. فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ منِّي، حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا مئة عِشْرِينَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا.. قالتْ: اتَّقِ اللهَ . فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا. وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إني اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ، فَقالَ: يَا عبدَ اللهِ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ: مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ، فقالَ: يَا عبدَ اللهِ، لاَ تَسْتَهْزِئ بي! فَقُلْتُ: لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً. الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ" مُتَّفَقٌ عليهِ.
بل انظروا إلى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف استدلت بحسن الأفعال على حسن العواقب.. فبعد أن نزل الوحي على رسول الله في غار حراء وعاد إليها يرجف فؤاده وأخبرها الخبر قال : لقد خشيت على نفسي، فقالت رضي الله عنه :" كلا .. والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق..". والشاهد من هذه القصة أن خديجة رضي الله عنها استنتجت من خلال فطرتها الطاهرة، أن أي إنسان يحسن إلى الناس ويعاملهم المعاملة الطيبة، ، لا يمكن أن يُهان أو يُفضح أو يُصيبه ضرر لأن الله معه.. ولهذا ذهبت تعدد له الحسنات السابقة التي تحفظه في مستقبل أمره..
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها واجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الأخرة
اللهم وفقنا لصنائع المعروف اللهم وفقنا لعمل الطاعات وترك المنكرات واجعلنا من عبادك الصالحين .
صنائع المعروف هي معنى الإنسانية هي معنى الرحمة هي دليل التقوى قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادِّهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوًا، تداعى له سائر الجسده بالسَّهر والحمَّى .و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرَّاحمون يرحمهم الرَّحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السَّماء .
عباد الله : اطلبوا المعروف واصنعوه ولا تحقروا منه شيئا مهما كان صغيرا فلا تدورن أي أعمالكم قبل .. واستكثروا من صنائع المعروف ..
قال صلى الله عليه وسلم : لا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء أخيك ، ولو أن تكلّم أخاك ووجهك إليه منبسط .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد . شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام .. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة.
ومن ناحية أخرى دخلت النار امرأة في هرة كما في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عُذبت امرأة في هرة حسبتها حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النار....
فلنحرص على صناعة المعروف صغيرًا كان أو كبيرًا فلربما كان الصغير عظيمًا عند الله تعالى.. اللهم اجعلنا من أهل المعروف، اللهم اجعلنا باذلين للخير صانعين له، اللهم اجعلنا سبب لقضاء حوائج الناس ، اللهم من آتيته منا مالاً أو جاهًا أو منصبًا فاجعله في سبيلك، وعونًا على طاعتك، الله يسرنا لقضاء حوائج الناس وتفريج كربهم .. اَللّـهُمَّ اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية .

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:24 مساءً الثلاثاء 1 يونيو 1446.