• ×

06:29 صباحًا , الأحد 20 يونيو 1446

القدوة .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1001
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 القدوة .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
الحمدُ لله نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونستهدِيهِ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فهوَ المهتَدِ، ومنْ يُضْلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليًا مُرشِدًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلّى اللهُ عليهِ وعلى أله وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
أيها الناس : قال تعالى : إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ..
ماهي الأمانة .. ولماذا أشفقت من حملها السموات والأرض والجبال .. هذا ما سنتحدث عنه في الدقائق التالية
الأمانة : كما قال المفسرون تعني .. التكليف وتشمل جميع التكاليف الشرعية ، من حقوق الله تعالى ، وحقوق عباده ، فمن أدى حق الله وحق عباده أثيب ومن فرط في حق الله وحق عباده استحق العقاب .
والأمانة أيها الكرام : من الأخلاق العظيمة الفاضلة وهي أصل من أصول الدين ،وهي ضرورة للمجتمع الإنساني ، لا يكتمل بناء المجتمع إلا إذا حفظت .. فيها سر التطور .. وسبل الرقي .. وأسباب السعادة .. بحفظها ينتشر العدل .. ويعم الأمن .. ويرقى الفكر .. وتتقدم الأمم ..
قبل الاستمرار .. سوف أطرح سؤالا
هل أنت أمين .. هل تحفظ الأمانة .. من المؤكد أن الاجابة ستكون "نعم" .. ولكن لا تستعجلوا .. عندما تعرفون ماذا تعني الأمانة ستنكشف لكم بعض الحقائق التي ستراجعون معها ثقتكم الكبيرة بأنفسكم وأنكم أمناء تحافظون على الأمانة .
أيها الأحبة : السبب وراء الإجابة بنعم هو التعريف الضيق الذي تعلمناه وتوارثناه عن مفهوم الأمانة .. من الخطأ حصر الأمانة في التعريف الضيق الذي يعتقده الكثير من الناس ، فالأمانة ليست مقصورة على أداء الودائع التي تحفظ عند الناس ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من شعائر الدين أمانة ، من فرط في شيء منها أو أخل به فهو مفرط فيما اؤتمن عليه ، وتشمل الأمانة كذلك كل عضو من جسد الإنسان ، فاليد والرجل والفرج والبطن كل ذلك أمانة ، يقول الحق تبارك وتعالى : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون "
أيها المسلمون : أمر الأمانة عظيم ، وخطرها كبير ، فلقد استهان كثير من الناس اليوم بأمر الأمانة حتى أضحوا لا يلقون لها بالاً ، ولا يقيمون لها وزناً ، وذلك ناتج عن سوء فهم لمعنى الأمانة وما يترتب على تضييعها والتفريط فيها من العذاب والعقاب ...
أيها الأحبة : صور الأمانة كثيرة جدا كما ذكرنا سابقا من الصعوبة بمكان الإحاطة بها في هذا المقام ولذلك سوف نقتصر على صورة واحدة فقط من صور الأمانة وباختصار ولن نوفيها حقها لعظمة أمرها وجلالة قدرها .. ألا وهي القدوة الحسنة
أن تكون قدوة حسنة هذا واجب بل فرض على كل مسلم .. وذلك لأسباب دينية منطقية علمية منها :-
أن الإنسان مفطور على حب التقليد، وكثيرًا ما يكتسب معارفَه وخبراته ومهاراته بالتقليد والمحاكاة ، لأن التعلم بالرؤية والمشاهدة أسهلُ وأيسر بل وأسرع الطرق فأنت عندما تقوم بفعل أيا كان سواء سلوكا فعليا أو قوليا .. لا تقوم به منفردا أنت تقوم بهذا الفعل ضمن شريحة مجتمعية هذا مؤكد ... سواء صغرت تلك الشريحة كالأسرة أو كبرت كالعمل أو الحي الذي تعيش فيه . ولاشك إن في هذه الشريحة من هو أقل ثقافة وعلم .. مجموعة متلقية سريعة التأثر ... تقول اللفظ فيلتقطه هذا أو تعمل العمل فيقلده ذاك .. فيكون وزر ذلك أو أجر تلك .. لك أو عليك .. ولذلك جاء في الحديث من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا رواه مسلم ومثل هذا الحديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا وهكذا حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل أجر فاعله رواه مسلم.
من المسلمات أن الإنسان إذا قام بالعمل في وسط أو بيئة تضم العديد من الأشخاص فلا شك إن هناك احتمال بنسبة 50 % خمسين في المئة أنه سيكون مؤثرا شاء أم أبى .. وتزيد النسبة إذا كان في الوسط الذي يمارس الفعل فيه أشخاص أقل وعياً
وأصغر سناً كالأسرة والمدرسة ومن هنا تأتي أهمية القدوة وعظمتها وخطورتها إنها جزء من الأمانة العظيمة التي أبت السموات والأرض والجبال أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ..
الكلمة أمانة .. الفعل والسلوك أمانة .. حتى في أدق الأفعال والأقوال ..
قال تعالى : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ..
تأمل وتفكر يا من تتهاون في الأعمال والأقوال وتقول صغائر ....
كم هو مثقال الذرة .. هل هناك أصغر من ذلك ؟ ..
كم هو مثقال الذرة في الخير .. وكم هو مثقال الذرة في الشر
هل يوجد على وجه الأرض مكيال حساس جدا ودقيق جدا إلى هذه الدرجة
أيها الكرام : بعد أن عرفنا أن القدوة أمانة عظيمة جدا
نعيد طرح السؤال .. هل أنت أمين .. أو بشكل مختلف بعض الشيء
هل أنت قدوة حسنة لمن حولك ؟
أعتقد أن الإجابة هذه المرة لن تكون بنعم وبنفس الحماس الذي كان في المرة الأولى .
سنتعرف على الإجابة وبمنتهى الصراحة في الخطبة الثانية إن شاء الله

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الحمد لله الذي أيقظ الغافلين، ونفع بالتذكرة المؤمنين ، عرفوا الحق فاتبعوه ولم يكونوا من المتكبرين وتابوا وأنابوا وكانوا من الصادقين ..وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أما بعد
أيها الناس :
البداية القوية تضمن النهاية السعيدة ، والعزمة الفتية تكفل الثبات أعواما مديدة ، فلا بد من عزيمة جبارة وقرار حاسم ووقفة جذرية تعترف فيها ليس فقط أنك مضيع للأمانة بل وتعلن أنك في أمس الحاجة للتغيير .
أيها الأخوة الكرام : الخطير في القدوة كما أشرنا أن سلوكك وكلامك يؤثر على غيرك شئت أم أبيت .. أنت لا تعيش في معزل عن الناس ولذك لست حرا مطلقا ..
أيها الأحبة : حتى يحدث التغيير يجب أن نكون صادقين .. إلى متى ونحن نغالط الحقائق ونجامل ونداهن ونطبل ونعزز لبعض حتى في الأخطاء المخجلة .. لا بد من الصراحة مهما كانت مرة .. مهما كانت مؤلمة
فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازما فليقْسُ أحيانا على من يرحم
عند وضع المطهر على الجرح نشعر ببعض الألم ولكنه ضرورة للعلاج
أيها الكرام : من ينام عن الصلاة ويؤخرها عن وقتها ويترك صلاة الجماعة .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ...... عاق والديه وقاطع رحمه ...... ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ....... من يكذب ويغتاب وينم .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ....... من كان أسير لإحدى العادات السيئة كالدخان والشيشة والسهر إلى الفجر .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ...... من يطلق العنان لبصره وسمعه ويترك القنوات بغثها وسمينها فتوحة في بيته .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة .... والذي لا يستطيع السيطرة على ألفاظه وكلماته ويتجاوز الأخلاق باللعن والسب .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ..... من انشغل بأمور الدنيا عن بيته وترك ابنائه بدون متابعة أو توجيه .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة ..... من سافر إلى ديار الفتن والفسق والفجور لغير حاجة .. .. ليس قدوة صالحة وقد ضيع الأمانة .
وبالجملة من تساهل في أداء الواجبات .. وارتكاب المحرمات .. ليس قدوة صالح وقد ضيع الأمانة ..
والخلاصة : كيف تريد لأبنائك أن يكونوا اقويا وأنت ضعيف .. أن يكونوا محافظين وأنت منفلت .. أن يكونوا مستقيمين وأنت معوج ..
أنت القدوة وأنت الدليل .. ووالله إنك لمسؤول أمام الله .. وستدفع ثمن تضييع الأمانة عاجلا أو آجلا .. ولذلك لا بد أن تأتي على نفسك قليلا .. وتكبح هواك .. وتضع حد لهذه التهاون .. واسأل نفسك إلى متى ؟
أخي الكريم : ربما كان حديثي صادما ولكنه لازم .. إنها صرخة محب ومشفق .. رغم تجاوزاتك وتهاونك وتماديك إلا أن الله أمهلك وسترك واكرمك فيما مضى .. أمهلك لأنه يحبك ولم يشاء أن يأخذك على ما أنت عليه .. فلا تكن ليئما وتستغل هذا الحب وتتمادى وأعلم إن الإمهال إذا لم يكن حبا فإنه استدراج والعياذ بالله .
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ .
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكَته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا سميع الدعاء . اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ ، اللهم اصلح أحوالَهم، واهزم عدوك وعدوَّهم. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد .
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:29 صباحًا الأحد 20 يونيو 1446.