خطبة العيد .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
لله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
الله أكبر بعزته وجبروته ، الله أكبر بقدرته وعظمته . الله أكبر بعلمه وحكمته الله أكبر بفضله ورحمته ، الله أكبر بحلمه وعفوه، الله أكبر بجوده وكرمه .
الحمد لله الذي امتن علينا بنعمة الإسلام، وشرح صدورنا بنور الإيمان، وأفاض علينا بآلائه العظام حيث جعلنا من خير أمة أخرجت للناس، ، ويسر لنا أمر طاعته، وبشر المتقين بجنته، وحذر العاصين من عقابه.
له الحمد ما ذكره الذاكرون، وغفل عنه الغافلون، وله الحمد عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد، كلماته، ورضا نفسه.
أحمده سبحانه حمدًا يليق بفضله، وعطائه فله الحمد دائمًا وأبدًا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صاحب الحوض الأعظم، والمقام الأكرم، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتدى بسنته إلى يوم الدين .
أما بعد :
أيها الناس
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ﴾
فاتقوا الله تعالى واشكروه على ما من به عليكم من إتمام شهر الصيام، وسلوه القبول والغفران والعتق من النيران، واعلموا أن هذا اليوم يوم عيد يفرح فيه المؤمنون بما منَّ الله به عليهم من نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ .
إن هذا اليوم يوم عظيم جليل، جعله الله تعالى فرحة لأمة الإسلام يستبشرون بها بعد طول صيام وقيام، وبذل وإحسان، فأدخل عليهم بفضله الفرحة والسرور، وبشرهم بالقبول . في هذا اليوم المشهود يوفي الرب - جل وعلا - العاملين بجزيل العطايا ، يوفيهم أجورهم بأحسن ما كانوا يعملون. في هذا اليوم المبارك يمن الله تعالى على عباده الصالحين بالقبول والرضوان،
الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر . ولا إله إلا الله، الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله:
حتى يوفى المؤمن أجره بغير حساب وحتى يضمن القبول هناك شرط لا بد من توفره الا وهو :
أن لا يدخل عليه العيد ويخرج وهو قاطع رحمه .
لا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة, وقطيعتها معصية من كبائر الذنوب عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة قاطع ))
تأملوا خطورة الوضع .. لا يدخل الجنة .. هذا يعني أن عمله هباءً منثورا لا صلاة .. ولا صيام .. ولا صدقة .. كل ذلك لن ينفعه .
عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلمُ عنهم ويجهلون علي. فقال : لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم .
وعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم)) رواه البخاري
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))
عباد الله :
إن العيد مناسبة عظيمة ينبغي علينا فيه الحرص على صفاء القلوب، وسلامة الصدور، والألفة والمحبة، في هذا العيد ينبغي علينا أن نتناسى الضغائن فيما بيننا، وأن نعمل على لم الشمل، ونشر الخير، وبذل المعروف .
أيها الإخوة الكرام – إياكم والوقوع في حبائل الشيطان فيدفعكم للقول فلان أذاني لا أزوره أو فلان لن ازوره ولن اتصل عليه لأنه لا يزورني ولا يواصلني بدعوى المعاملة بالمثل فإن هذا سبب للحرمان، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل من وصل رحمه إذا قطعت "
إن زرت من يوزرك فقط وواصلت من يواصلك فقط .. فليس لك فضل .. الفضل وكل الفضل أن يكون هو القاطع وتكون أنت الواصل .. الفضل وكل الفضل أن يكون هو المقصر وتكون أنت الوافي .
عباد الله :
أين نحن من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم .. قال أمرني ربي : بخشيته في السر والعلانية ، وكلمة العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى وأن أصل من قطعني، وأن أعفو عمن ظلمني، وأن أعطي من حرمني
قال تعالى : وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
الحمدُ للهِ ، قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخَالِقُ النَّاسِ مِن تُرابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ والفَعَّالُ لما يُريدُ ، وأشهدُ أَن لا إلهَ إلا الله ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً
أمَّا بعدُ :أيُّها الأحبةُ : إنَّ صلةَ الرّحمِ تدفَعُ بإذنِ اللهِ نوائبَ الدّهرِ، وترفعُ بأمرِ اللهِ عَنِ الْمَرءِ البَلايا والرزايا .. والعكس فإن قطيعة الرحم وبال على صاحبها عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة .. من البغي وقطيعة الرحم
وإننا نرى والله مصداق هذا في الواقع ، فقاطع الرحم غالباً ما يكون تعباً قلقاً تعيسا من الداخل حتى ولو أظهر السرور ، فقيرا حتى ولو كان غنيا ، منبوذاً بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال.
عباد الله .. لا يمكن أن يكون العبد بارا بوالديه إلا إذا كان واصلا لرحمه .. حتى وإن كانوا امواتا ، جَاءَ رَجلٌ إلى النبيِّ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هل بقيَ من برِّ أبويَّ ، شيءٌ أبرُّهما به بعد مٌوتِهما؟ قالَ: نعمْ، الدعاءُ لهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما مِن بعدِهما، وصِلةُ رحمِكَ التي لا رَحِمَ لك إلاّ من قِبَلِهما
يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام ، كما في الصحيحِ عن أنسِ بنِ مالكٍ ـ رضي الله عنه { من سرَهُ أن يُبسَطَ له في رزقِهِ} أي : يوسعَ له في رزقِهِ ، ويُنسأَ له في أَثَرِهِ ( فليصلْ رحمَهُ ) ، فأينَ أكثرُ النَّاسِ عن هذا الحديثِ ، وخاصة من يبحث عن إطالةُ العمرِ ، وكثرتُ الرزقِ ،
فاللهَ اللهَ أيها الأخوةُ الكرام ، في التسامح .. الله الله في صلةِ الأرحامِ ، لا تتركوا هذه المناسبة تمر هكذا .. إنّ ذوي الرّحِمِ غَيرُ معصومينَ، يتعرّضونَ للزّلَلِ، ويقَعونَ في الخَللِ، وتصدُرُ منهم الهَفوةُ، ويقَعونَ في الكبيرةِ، فإن بَدَرَ منهم شيءٌ من ذلك ، فالزَمْوا جانبَ العفوِ معهم، فإنَّ العفوَ من شِيَمِ المحسنين، وما زادَ اللهُ عبدًا بعفوٍ إلاّ عِزًّا .. وقابِلواْ الإساءة بالإحسانِ، واقبلْ عُذرَهم إذا أَخطَئُوا، لقد فعلَ إخوةُ يوسفَ مع يوسفَ ما فعلوا، وعندما اعتذروا ، قَبِلَ عُذْرَهم وصفَحَ عَنهُم الصَّفحَ الجميلَ ، ولم يوبِّخْهم ، بل دَعَا لَهُم وسألَ اللهَ المغفرةَ لهم ، أنظروا رحكم الله وتأملوا .. يرمونه طفلا صغيرا في البئر .. تأملوا عظمت الجرم .. تأملوا الخوف والرعب الذي عرضوه له دون رحمة ولا شفقه .. ثم يقول: (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ)
أيها الناس : صلةُ الرّحمِ : علامة على كَرَمِ النّفسِ ، وطيبِ المنبَتِ ، وحُسنِ الوَفاءِ .
إخواني الكرام : لم يفت شيء لا زالت الفرصة سانحة وهذا العيد أكبر عرض لكم .. تنازلوا .. تواضعوا .. تصفاحوا .. تسامحوا .. اعفوا عن بعض .. فإن فعلتم فإن ذلك والله دليل التقى والنقى .. دليل على الرجولة والأخلاق الفاضلة
هذا وصلوا علي البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال ( ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم باحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أبرم لهذه الامة امر رشد يعز فيه اهل طاعتك ويذل فيه اهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهي فيه عن المنكر. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم وحد كلمتهم وسدد رميهم واخذل عدوك وعدوهم . اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب وأصلح اللهم أحوالنا في الأمور كلها ووفقنا لما يرضيك عنا واختم اللهم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة أجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مباركا مرحوما وتفرقنا من كل شر معصوما .
عباد الله : قوموا إلى بعضكم وتصافحوا وتزاوروا واشكروا الله الذي وفقكم لإتمام صيام رمضان وقيامه (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
التعليقات