تفسير سورة الفاتحة .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
الحمدُ لله نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونستهدِيهِ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فهوَ المهتَدِ، ومنْ يُضْلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليًا مُرشِدًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلّى اللهُ عليهِ وعلى أله وسلم تسليما كثيرا .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
أما بعد :
قال تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين وقال تعالى : ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ
أيها الأحبة : قد جمع الله في كتابه من جوامع الكلم المبينة لأصول الدين وفروضه وآدابه ومحاسن الأخلاق والمواعظ والحقوق والواجبات والأمثال والقصص والحكمة ما لا يوجد في كتاب غيره فمن أخذها وعمل بها فقد أخذ الفقه والحكمة من أعظم مصادرها وأقربها وأيسرها، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً .
حديثنا اليوم سيكون : عن أعظم سورة في القرآن .. وقفات سريعة فقط .. لأنها بحر زاخر لا يمكن الإحاطة بكل أسرارها .. كتب العلماء الكثير عن تفسيرها، حتى إن الإمام ابن القيم رحمه الله كتب ثلاثة مجلدات لبسط معاني آيةٍ واحدة فيها فقط في قوله تعالى ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) في كتابه المشهور: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
لا شك أنكم عرفتم أي سورة أقصد .. إنها سُورَةُ الفَاتِحَةِ ، فَضَائِلُهَا كَثِيرَةٌ عَظِيمَةٌ، لَهَا عِدَّةُ أَسْمَاءٍ، وَكَثْرَةُ أَسمَائِها دَليلٌ سَاطِعٌ وَبُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى تَعَدُّدِ فَضَائِلهَا، فَمِنْ أَسمَائِهَا الفَاتِحَةُ؛ لافتِتَاحِ القُرآنِ العَظِيمِ بِهَا، فَأَوَّلُ كُلِّ شَيءٍ فَاتِحَتُهُ، وَمِنْ أَسمَائِهَا أُمُّ الكِتَابِ، لاشتِمَالِهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الكِتَابِ الكَرِيمِ وَالقُرآنِ العَظِيمِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَوحِيدِهِ وَتَعظِيمِهِ وَتَحْمِيدِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَمَراتِبِ السُّعَدَاءِ وَمَنَازِلِ الأَشْقِيَاءِ، وَمِنْ أَسمَائِهَا السَّبْعُ المَثَانِي لأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ مُبَارَكَاتٍ، تُثنَّى - أَيْ تُكَرَّرُ- فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، سَواءً مِنْهَا الفَرِائضُ أوَ السُّنَنُ ، وَمِنْ أَسمَائِهَا الصَّلاَةُ كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ((قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْـفَيْنِ: نِصْـفُهَا لِي وَنِصْـفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ فَيَقُولُ اللهُ: حَمَدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ: الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ؛ فَيَقُولُ اللهُ: أَثْنَى عَليَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ العَبْدُ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ؛ فَيَقُولُ اللهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ العَبْدُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَستَعِينُ؛ فَيَقُولُ اللهُ: هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَإِذَا قَالَ العَبْدُ: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ؛ فَيَقُولُ اللهُ: هَذِهِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ))،
ويقال لها : الشفاء ؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم . ويقال لها : الراقية ؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أنها رقية ؟ . وسماها يحيى بن أبي كثير : الكافية ؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها ،.. وهي سبع آيات بلا خلاف ، البسملة أول آياتها .
وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْـلِ سُورَةِ الفَاتِحَةِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ المُعلَّى أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ لَهُ: ((لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرآنِ قَبْـلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ))، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ قُلْتَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرآنِ، قَالَ: نَعَمْ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) ، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرآنُ العَظِيمُ الذِي أُوتِيتُهُ .
ورى مسلم عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من صلى صلاة لم يقرأ فيها أم القرآن فهي خداج - ثلاثا - غير تمام . فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ، قال : اقرأ بها في نفسك .
لَقَدِ افتَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سُورَةَ الفَاتِحَةِ بِاسمِهِ سُبْحَانَهُ ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) وَالبَدْءُ بِاسمِهِ جَلَّ فِي عُلاَهُ أَدَبٌ أَوْحَاهُ اللهُ إِلَى نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-فِي أَوَّلِ آيَاتِ القُرآنِ نُزُولاً؛ لِتَبْـقَى هَذِهِ الافتِتَاحِيَّةُ العَظِيمَةُ تُعْطِي البَرَكَةَ لِكُلِّ شَيءٍ مِنْ قَولٍ أَو عَمَلٍ، فَمَنِ افتَتَحَ قَولَهُ وَعَمَلَهُ بِاسمِ اللهِ تَعَالَى جَاءَ قَولُهُ سَدِيدًا وَعَمَلُهُ رَشِيدًا، وَقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ: ((كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللهِ فَهُوَ أَبْـتَرُ - يَعني مَقْطُوعَ البَرَكَةِ-))، وَبَعْدَ البَسمَلَةِ تَبْدَأُ السُّورَةُ الكَرِيمَةُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ بِالحَمْدِ مَعَ وَصْـفِهِ سُبْحَانَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ المُطْلَقِةِ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، وَفِيهَا دَعْوَةٌ إِلَى التَّوحِيدِ الخَالِصِ الكَامِلِ الشَّامِلِ، إِنَّهُ تَوحِيدٌ، لاَ تَشُوبُهُ شَائِبَةٌ مِنْ قَرِيبٍ وَلاَ بَعِيدٍ، فَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ فِي اليَقَظَةِ وَالنَّوْمِ، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلَحْظَةٍ مِنَ اليَوْمِ، وَالحَمْدُ للهِ فِي الحِلِّ وَالتَّرْحَالِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذْ كَيْفَ يُحْمَدُ غَيْرُهُ وَالخَلْقُ خَلْقُهُ وَالخَيْرُ خَيْرُهُ؟ وَلَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-يَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُهُ، وَيُمَجِّدُهُ وَيَشْكُرُهُ، بِأَقْصَى مَا يَمْـلِكُ مَنْطِقُهُ الكَرِيمُ مِنْ عَدَدٍ، منها قوله: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّماواتِ وَمِلءَ الأَرْضِ وَمِلءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ، أَهلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ،))،
ثم جاء ذِكْرُ الرَّحْمَةِ الإِلهِيَّةِ بِاسمَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ أَسمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، وَصِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ العُلْيَا، وَهُمَا ((الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ))، لأَنَّ رَحْمَتَهُ سُبْحَانَهُ عَمَّتِ الوُجُودَ، وَشَمِلَتِ كُلَّ مَوْجُودٍ، وَقَدْ حَفَلَتْ أَوَامِرُ الإِسْلاَمِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّرَاحُمِ العَامِّ، الذِي بِتَحقِيقِهِ يُقَدِّمُ المُؤمِنُ الدَّلِيلَ وَالبُرهَانَ عَلَى صِدْقِ الإِيمَانِ، قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: ((مَنْ لاَ يَرْحَمِ النَّاسَ لاَ يَرحَمْهُ اللهُ))،
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، .. ويوم الدين هو يوم القيامة وهنا إشارة إلى الإيمان بالبعث والنشور والحساب والجنة والنار .. إن سورة الفاتحة تذكِّر بهذا اليوم العظيم ، إنه اليوم الذي لا بده منه إنه يوم الحساب . توقظ العبد ليأخذ أُهبة السفر والاستعداد لذلك الموقف، هذا ما يجب أن يستحضره المصلي أثناء قراءة الفاتحة فتنكسر حدة التعلق بالدنيا والانجذابِ إليها . ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) ، أي: لاَ نَعْبُدُ يَا رَبُّ إِلاَّ إِيَّاكَ، وَلاَ نَستَعِينُ بِأَحَدٍ سِوَاكَ، وَعِبَادَةُ اللهِ المَقْصُودَةُ هِيَ العِبَادَةُ بِمَفْهُومِهَا الأَشْمَلِ وَالأَعَمِّ، التِي تَشْمَلُ كُلَّ عَمَلٍ دِينِيٍّ ودُنْيَوِيٍّ، يُؤَدِّيِهِ المُؤمِنُ مَعَ إِحْسَاسِهِ بِأَنَّ اللهَ عَلَيْهِ رَقِيبٌ، وَلَهُ حَسِيبٌ، وَمِنْهُ قَرِيبٌ، ولا نطلب العون إلا منك يا لله وحدك؛ لأن الأمر كلَّه بيدك وحدك ، قال ابن تيمية رحمه الله: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ تدفع الرياء، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تدفع الكبر". ثم يأتي بعدها أهم وسائل الهداية والرشاد وهو الدعاء )اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ) أي أرشدنا ووفقنا إلى الطريق الحق الواضح المستقيم الذي ليس فيه اعوجاج ولا انحراف.. إن أفضل ما يُسأل الرب تبارك وتعالى الإعانةُ على مرضاته، وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، فقال: ((يا معاذ، إني والله لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)). قال ابن تيمية: "تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال العبد ربَّه العونَ على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في قول : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَأشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ صَلى الله عليه وسلم .
أَمَّا بَعْدُ : عِبَادَ الله :
يقرأ المسلم: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) في كل ركعة، ليجدِّد حاجته وافتقاره لمولاه أن يهديه، وطلب الهداية هنا يتضمن الهداية ممن هو قادر عليها، وهي بيده وحده جل وتبارك وتعالى ، إن شاء أعطاها عبدَه، وإن شاء منعه إياها، ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )، وقوله تعالى : صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ .. أي اهدنا يا رب صراط من أنعمت عليهم بالإيمان والقرب منك والتوفيق لطاعتك ومرضاتك، وقد بين الله في سورة النساء من هؤلاء المنعم عليهم فقال -عز وجل-: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
وقوله جل وتاربك وتعالى : {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} قال جماهير علماء التفسير: إن المقصود بـ (المغضوب عليهم) اليهود و(الضالين) النصارى.. لأن اليهود علموا الحق ولم يعلموا به فغضب الله عليهم، والنصارى عبدوا الله على جهل فضلوا عن الحق . والمغضوب عليهم والضالين في العموم تشمل كل من خالف الطريق المستقيم وخرج عن هدي الدين الحنيف .
عباد الله إن المتأمل لهذه السورة العظيمة يلحظ أهمية الدعاء في حياة المسلم وخاصة الدعاء بالهداية والتوفيق (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )
ولولا شدة حاجة المسلم ـ عباد الله ـ المتجددة يوميًا بل متجددة أثناء اليوم الواحد، لولا شدة حاجته للهداية وأنه عرضة للوقوع في حبائل الشيطان وكيده وعرضة للضعف واتباع الهواء والتقصير لولا خطر الضياع والضلال والابتعاد عن المنهج الرباني لولا ذلك لما فَرَضَ الله عليه أن يدعو ربه بهذا الدعاء بهذا الشكل المتكرر ، سبعة عشر مرة يوميا غير السنن .. ووالله لو أن العبد استحضر قلبه ومشاعره وتعلق بربه في كل مرة يردد قول اهدنا الصراط المستقيم .. لما كان ضل ابدا .. واستقام أمره وهدأت نفسه
وهنا لفتة .. إلى كل من يجد في قلبه ميل إلى الهوى والشهوات أو ضعف وكسل في القيام بالطاعات .. فقط عليه الإكثار من قراءة سورة الفاتحة بقلب حاضر . سوف يجد ما يسره من الهداية والتوفيق و السداد .. والراحة والسعادة
ولفتة ثانية : إن من اسماء الفاتحة كما ذكرنا الشافية .. لأن مفعولها عجيب وتأثيرها عظيم في الشفاء من الأمراض وخاصة السموم .. عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : نزلنا منزلا، فأتتنا امرأة، فقالت : إن سيد الحي لدغ فهل فيكم من راق ؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن الرقية، فرقاه فبرأ، فأعطوه غنمًا، وسقونا لبنًا، فقلنا : أكنت تحسن رقية ؟ فقال : ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب... وهي تشفي بإذن الله من أمراض العين والسحر والمس والأمراض النفسية هذا مؤكد .. وتساعد في الشفاء من الأمراض العضوية الأخرى .
أيها الأحبة : عند إعداد هذه الخطبة قرأت عشرات القصص عن معجزة الفاتحة ولولا خوف الإطالة عليكم لسردتها .. علاج الضعف أمام الهوى والشهوات .. علاج الوسواس .. علاج ضعف الذاكرة .. علاج الأمراض العضوية .. فقط تحتاج إلى حضور ذهني عميق وتعلق قلبي كبير بالله وتكرار . وسترون العجب العجاب
اللهم شافنا من أمراض القلوب والأجساد .. ولا تجعل للشيطان إلينا سبيلا ولا لعوانه إلينا طريقا .. واهدنا إلى صراطك المستقيم .
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا سميع الدعاء . اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ ، اللهم أنصر جندونا المرابطين على الحدود اللهم اصلح أحوالَهم، اللهم اربط على قلوبهم واهزم عدوك وعدوَّهم. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد .
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة
التعليقات