التوبة .. خطبة جمعة .. جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ غافِرُ الذَّنْبِ وقابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ العِقابِ ذُو الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدً عبدُهُ ورسوله صلى الله عليه وسلم .
أما بعد :
عباد الله : إن الله ندب المؤمنين إلى التوبة وحثهم عليها قال جل وتبارك وتعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقال سبحانه: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ .. وقال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ .. وهو جل جلاله ينادي عباده المؤمنين ويحثهم على التوبة النصوح قال تعـالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
والتوبة النصوح : هي التي تشمل جميع المعاصي والذنوب وهي الخالصة لله وحده الخالية من شوائب الرياء والشرك الجامعة لشروط التوبة .
أيها الأحبة : التوبةَ ..واجبة على كلِ مسلم لا يخاطب بها أصحاب الكبائر والموبقات فقط بل الصالحون والمهتدون أيضا مطالبون دائماً بتجديد التوبة إلى الله
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو مكانة ومنزلة عند ربه كان يستغفر الله ويتوب إليه أكثر من سبعين مرة إذ يروي البخاري بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لأستغفر وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة ))
عباد الله .. كلنا مذنبون مخطئون.. نقبل على الله تارة ، وندبر أخرى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم :{ كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون} حياتنا كلها تدور على مقاومةِ الذنوب ومدافعتِها .
الفرق بين الناس ، ليس في السلامة من الذنوب فقط ، بل في حالهم وتعاملهم معها من الإنابة الصادقة والاستغفار والرجوع أو التمادي والاستمرار واللامبالاة .. فالذنوب كالأمراض ، منها المرض العارض ومنها الشديد ومنها المزمن الذي يحتاج لعلاج قوي . وكل ما ترك كلما استفحل وصعب علاجه .
والتوبة عباد الله كما قال العلماء لها شروط واجبة لا تصح التوبة إلا بها ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين ربه لا تتعلق بحق آدمي فلها شروط ثلاثة:
الأول: الإقلاع عن المعصية فورا دون تأجيل أو تسويف . فإن كان هناك تأجيل أو تسويف لم يكن هناك توبة أصلا لأن التأجيل يدل على عدم الصدق وعدم الجدية عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال عندما نزلت آية تحريم الخمر أهرق من كان يشرب الخمر القلال فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد التحريم . وهذا دليل الصدق ليس غدا ولا بعد غد ولا بعد ساعة .. التوبة فورا . هذا أول شروط التوبة .
وأما الشرط الثاني : الندم على فعلها بحيث ينكسر القلب حسرة وأسفا . ويتقطع ألم انكسار يقض مضجع المذنب فيجعله يعمل من أعمال البر والخير الشيء الكثير لعل الله يغفر له ذنبه .. ومن ذلك كثرة الاستغفار والاكثار من النوافل والصدقة والصيام قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: [وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ]
والشرط الثالث: العزيمة على ألا يعود إلى المعصية أبدا مع الأخذ بالأسباب التي تحول دون العودة إليها ومن ذلك هجر كل ما يمت إليها بصلة . وكمثال .. من أراد أن يتوب من التقصير في صلاة الفجر مثلا.. عليه أن يترك السهر أو يخفف منه ثم عليه أن يأخذ بالأسباب المعينة فيجهز المنبه على موعد الصلاة وعليه أن يبيت النية على القيام وكأن لديه موعد مهم جدا .. من لم يفعل ذلك فليس بصادق في توبته .
أما إذا كان الذنب متعلق بحق أشخاص بعينهم فيضاف إلى ما تقدم من الشروط شرطا رابعا وهو البراءة من الحقوق الخاصة ، فإن كانت مالاً أو حقاً رده إلى صاحبه، وإن كانت حداً مقترفا مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استغفر لمن اغتاب حتى يرى أنه أدى حقه .
عباد الله : إن نعمة قبول التوبة ونعمة المغفرة نعمة كبيرة جدا لا يعلمها الكثير من الناس .لا يدرك فضلها إلا الأوابون ..لو لم يكن الله غفورا رحيما .. لو لم يكن يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات .. كيف سيكون حالنا ومن منا سوف ينجو ؟
قال تعالى : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ )
ليس ذلك فحسب بل إن الله من فضله وكرمه ورحمته يفرح بتوبة عبده وإنابته ورجوعه إليه لا لأنه محتاج سبحانه وتعالى إلى أعمالنا وتوبتنا ، فالله غنيٌّ عنّا ، ولكن لمحبته سبحانه للكرم والعطاء فإنّه سبحانه وتعالى كريم يحبّ أن يعفوَ ويغفرَ . ولهذا يفرح بتوبة عبده ... قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبحث حتى وجدت صبيا في السبي فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة : أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قالوا : لا والله ! وهى تقدر على أن لا تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها . رواه البخاري ومسلم .
وعن عبدالرحمن بن جبير رضي الله عنه قال: "أتى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم شيخٌ كبير هرم، سقط حاجباه على عَينيه، وهو مدعم على عصًا - أي: متَّكئ على عصًا - حتى قام بين يدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوبَ كلَّها، لم يترك داجة ولا حاجة إلاَّ أتاها، لو قسمَت خطيئتُه على أهل الأرض لأهلكَتهم - أله من تَوبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل أسلمتَ؟))،
قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، قال: ((تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهنَّ الله لك كلهنَّ خيرات))، قال: وغدرَاتي وفَجراتي يا رسولَ الله؟ قال: ((نعم، وغَدراتك وفجراتك))، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثمَّ ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار"؛ صحَّحه الألباني.
ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾
وعَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا ، وَأَنْزَلَ فِى الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ"وعن أبى موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله العزيز الوهاب ، غافر الذنب، و قابل التوب، شديد العقاب .. بفضله يفتح للتائبين الأبواب .. وبرحمته يقبل من العاصين الإياب .. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد .. أيها المسلمون : إياكم والقنوط من رحمة الله واليأس من عفوه .. مهما كثرت الذنوب والمعاصي قالَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ )
ينبغي أن يكون حال المؤمن َ بَيْنَ الخَوْفِ والرَّجاءِ يخافُ عِقابَ اللهِ ويرْجُو عَفْوَهُ وثَوابَهُ اسْمَعْوا مَعِي إلى هَذا الحَدِيثَ القُدْسِيَّ الَّذِي رَواهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وسلمَ قالَ اللهُ تَعالى يَا ابْنَ ءادَمَ إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ مِنكَ وَلاَ أُبَالِي يَا ابْنَ ءادَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ يا ابْنَ ءادَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرابِ الأَرْضِ خَطايا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَةً
عباد الله .. التوبة عبادة عظيمة لا تكون صحيحة مقبولة. إلا بالإخلاص لله تعالى: فيكون الباعث على التوبة حب الله وتعظيمه ورجاؤه ، والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تقرباً الى مخلوق، ولا قصداً في عرض من أعراض الدنيا الزائلة، ولهذا قال سبحانه: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) وإذا أخلص العبد لربه وصدق النية في طلب التوبة أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصده عن التوبة.. " فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله، والإخلاص له لم يكن عنده شيء قَطُّ أحلى من ذلك، ولا ألذّ، ولا أمتع، ولا أطيب ومن لم يكن مخلصاً لله لم يوفق للتوبة ، وإن وفق لهاف43ضةاتر في أول الأمر فإنه سرعان ما ينتكس . . ولا يظن أحد أنه لن يفتن وأن التوبة ستكون سهلة. قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ..فالله خلق النفس البشرية بطبائعها الغريزية .. حب المال والولد وحب الجاه والهوى والشهوات وجبلها على الغيرة التي تولد الحقد والحسد وجبلها على الطمع الذي يولد الانانية والظلم خلقنا الله بكل ذلك اختبارا وامتحانا لنا وزاد على ذلك أن خلق الشيطان ومنحه القدرة على الوسوسة والإغواء ليميز الله الخبيث من الطيب قال تعالى : ) مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) وتعاملنا مع تلك الغرائز هو ما يرفعنا إلى عالم الملائكة أو يهبط بنا إلى عالم الحيوان .. كل روح ترتفع بقدر صفائها وصدقها بقدر ضبطها لتلك الغرائز والسيطرة عليها .
ثم اعلموا عباد الله إنه مما يزيد في صعوبة التوبة والرجوع إلى الله طول فترة ارتكاب الذنوب فالذنب له أَثَرًا يَتْرُكُهُ في قَلْبِ الْمَرْءِ فَهُوَ كَما رَوَى أَصْحابُ السُّنَنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذا أَذْنَبَ كانَتْ نُكْتَةٌ سَوْداءُ في قَلْبِهِ فَإِذا تابَ ونَزَعَ وَاسْتَعْتَبَ صُقِلَ قَلْبُهُ وإِنْ زادَ زادَتْ حَتَّى يُغْلَقَ قَلْبُهُ فَذَلِكَ الرّانُ الَّذِي قالَ اللهُ تَعالى ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ فَالذُّنُوبُ إِذا تَتابَعَتْ عَلى القُلُب أَغْلَقَتْه وختمت عليه فَلاَ يَكُونُ لِلتوبة إلى قلبه مَسْلَكٌ وَلاَ من الذنوب والمعاصي مهرب فالحذر الحذر فَلا يَنْبَغِي لِلْواحِدِ مِنّا أَنْ يُهْمِلَ التَّوْبَةَ وإِنْ كانَ يُعاوِدُ الذَّنْبَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّ في التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ صَقْلاً لِلْقَلْبِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْلُوَهُ الرّانُ فَيُخْتَمَ عَلَى قَلْبِهِ. ولهذا كانت َالتَّوْبَةُ واجِبَةٌ عَلى الفَوْرِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا .. فَلاَ تَسْتَصْغِرَنَّ مَعْصِيَةً فَتَتْرُكَها مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَإِنَّكَ تَعْصِي الإِلَهَ العظيم فَلاَ تَنْظُرَ إلى صغر الْمَعْصِيَةِ ولَكِنِ انْظُرْ إلى مَنْ تَعْصِي .. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) الصغيرة مع الاستمرار تتحول إلى كبيرة وتذكروا عباد الله إن الله شديد العقاب فاحذروا التسويف وطول الأمل ، فإن طول الأمل يفسد العمل .. واعلموا عباد الله أن من الذنوب المهلكة تلك التي يتهاون العبد فيها لصغرها في نظره وتمر عليه الاعوام والسنين وهو على حاله لا يحدث توبة ولا يفكر في التغيير فتكون سبب هلاكه والعياذ بالله كما قال صلى الله عليه وسلم : (( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ))
اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً خالصة لوجهك الكريم .. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين .
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد. اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْناكَ فَٱسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنَا .. اللَّهُمَّ أغفر لَنا ذُنُوبَنَا وَإِسْرافَنا في أَمْرِنا اللَّهُمَّ ٱغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ، اَللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أَسْماعِنا ومِنْ شَرِّ أَبْصارِنا ومِنْ شَرِّ أَلْسِنَتِنا ومِنْ شَرِّ قُلُوبِنا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا خَطِيئَاتَنا كلها اللهم اغفر لنا جَهْلَنا وإِسْرافَنا في أَمْرِنا وما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا جِدَّنا وهَزْلَنا وخَطَأَنا وعَمْدَنا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا ما قَدَّمْنا وما أَخَّرْنا وما أَسْرَرْنا وما أَعْلَنّا وما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّا، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِير، رَبَّنا ءاتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النَّارِ اللَّهُمَّ ٱجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدينَ غَيْرَ ضالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ ٱسْتُرْ عَوْراتِنا وَأمِنْ رَوْعاتِنا وَٱكْفِنا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ ما نَتَخَوَّفُ.
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة
التعليقات