• ×

04:23 مساءً , الخميس 19 مايو 1446

خطبة جمعة عن البركة جامع قرية خفه / حامد عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1001
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 خطبة جمعة عن البركة جامع قرية خفه / حامد عبد الرحمن
الحمدُ لله نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونستهدِيهِ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضل له ، ومنْ يُضْلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليًا مُرشِدًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلّى اللهُ عليهِ وسلم .
أما بعد:- أيها المسلمون
فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى؛ فهي العُدَّةُ في الشدائد، والعونُ في المُلِمَّات، وبها صلاح الأفراد والأمم ، وبها تكثر الخيرات وتستجلب البركات، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ** يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
إخواني الكرام : هناك كلمة كثيراً ما نرددها وندعو لأنفسنا وأولادنا والآخرين بها الأ وهي البركة فما حقيقةُ هذه البركة ؟؟
أصلُ كلمة البركة : تعني الثُّبوتُ والدوامُ والاستِقرارُ، والبركةُ: تعني النَّماءُ والزيادةُ وكثرةُ الخير. يُقال: باركَه الله وباركَ فيه وباركَ عليه وباركَ له، والمُبارَك: هو الذي باركَه الله تعالى، قال - سبحانه : وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ .. فالبركةُ ما كانت في صغيرٍ إلا كبّرته ، ولا في قليلٍ إلاَّ كثَّرته، ولا في كثير إلا زادته وحفظته ؛ والبركةُ كلُّها من الله ، فإن الربَّ تعالى هو الذي تباركَ وحدَه، ولا يُقال: تبارك في حقِّ أحدٍ غير الله سبحانه وتعالى .
ولا غِنَى لأحدٍ عن بركةِ الله ، حتى الأنبياء والرسل يسألونها من خالقِهم ،وندعو لهم بها نقول في صلاتنا اللهم بارك على محمد وعلى أل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى أل ابراهيم .
أيها الأحبة : البركةُ هِبةٌ من الله تعالى ، لا تُقاس بالأسباب الماديَّة ولا بالعمليات الحسابية ، فإن الله إذا باركَ في العُمر: جعل الأعوام القليلة بالعمل الصالح كمئات السنين ؛ وإذا باركَ في الصحةَ حفِظَها لصاحبِها ومتّعه بقواه ونشاطه ؛ وإذا باركَ في المال نمَّاه وكثَّرَه، بحيث يصبح أضعافا مضاعفة ؛ وإذا باركَ الله في الأولاد : جعلهم بارين صالحين نافعين . زينة الدنيا وعتاد الأخرة وإذا باركَ الله في العلم : قاد صاحبه للعمل والخشية ، وانتفع به أهله وكل من خالطه ، فأهل العلم باقون ما بقي الدهر, أعيانهم مفقودة, وآثارهم في القلوب موجودة ، وأجورهم جارية مسطورة :
قد مات قومٌ وما ماتت مكارمهم وعاش قومٌ وهم في الناس أمواتُ

عباد الله ـ البركة لا تُرى بالعَين المجرَّدة، ولا تُقاس بالكمّ، ولا تحويها الخزائِن، بل هي سر من أسرار الله إذا طرحه في شيء ترى العجب العجاب .. إذا حلت البركة في أمر أعطته سببا غير الأسباب المادية التي يتعاطاها البشر فكل أمر تشاهدون فيه زيادة لأسباب غير محسوسة يقال عنه مبارك وفيه بركة .
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
والخلاصة : إن البركة هي كل شيء وجميع الأشياء بدونها لا شيء مجرد تعب وشقاء . وهباء منثورا
تتعب في جمع المال وتنميته فإذا ما اجتمع .. يسخّر الله له ما يمحقه فيختفي في لحظة .. وربما أصبح الداين مديونا بين عشية وضحاها .
تتعب في زراعة البستان حتى يصبح جنة ثم في غمضة عين .. فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم
تتعب في تربية الأولاد .. ثم يكونون عاقين سيئين فاسدين .. نسأل الله السلامة ...
وهكذا ... بدون بركة لا معنى للأشياء .
ماسبق صور واضحة جدا للعيان كلنا ندركها .. ولكن هناك صور لا تقل أهمية لقلة البركة لا يدركها الكثير من الناس .. تحتاج أن نسلط عليها الضوء .
من ذلك :
إذا كان المرء ينقر الصلاة نقرا لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا يهتم لأركانها وواجباتها فإن ذلك دليل قاطع على قلة البركة وعدم القبول والعياذ بالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )) لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود )) .. ومن ذلك أيضا إذا رأيت الرجل يسارع في الانصراف بعد الصلاة مباشرة دون تسبيح أو ذكر أو دعاء فهذا مؤشر على قلة البركة وعدم التوفيق والحرمان . وإذا كان ممن تفوته تكبيرة الإحرام أو ربما بعض الركعات أو إذا كان يتهاون في صلاة السنن فإن ذلك كله دليل على قلة البركة أما إذا كان لا يصلي مع الجماعة أو يأخر الصلاة عن وقتها فإنه تجاوز الخطوط الحمراء وهذا مؤشر على الخذلان والعياذ بالله قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر "
ومن ذلك أن ترى الرجل يمر عليه اليوم واليومين والثلاثة وربما الأسبوع دون قراءة للقران بل إذا رأيته وليس له وردا يوميا فأعلم أنه من الغافلين فهذا مؤشر على الغفلة وعلى الخسارة والحرمان وعلى قلة البركة .. قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )
كما أن للقران سر عجيب في هدوء النفس والسكينة والاطمئنان هذا عاجل بركته غير الأجر العظيم في الآخرة . قال صلى الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف )) راوه الترمذي
ومن أكثر دلائل قلة البركة .. أن يجمع الإنسان الحسنات الكثيرة من الأعمال الصالحة ثم يقدمها على طبق من ذهب لغيره هذا هو الإفلاس الحقيقي .. بالغيبة والنميمة والكذب والظلم ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار .
ألا فاتقوا الله عبادَ الله، والتَمِسوا لأنفسكم مواضعَ البركة في حياتِكم، وراجِعوا أنفسكم باحثين عن أسبابِ فُقدانها، وإنَّ الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم،
ولَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [الأعراف: 96].
بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العَظيم، ونفَعني وإيّاكم بما فيهِ منَ الآيات والذكر الحكيم، قد قلت ما قلت، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأ فمن نفسِي والشيطان، وأستغفِر الله إنه كان غفّارًا.




الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، الحمد لله تباركَ في ذاته وباركَ من شاءَ من خلقه ، الحمد لله الذي جعل لأهل التقوى علامات واضحة يعرفون بها وجعل لأهل المعصية إشارات يعرفون بها وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله جاء بالهدى والآيات البينات صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد :
أيها الأحبة : لا زلنا نتلمس الاسباب التي تمحق البركة فأعيروني سمعكم وانتباهكم رحمكم الله لعلنا نتلافاها .
من ذلك .. إهدار الوقت واضاعته بالسهر واللهو إلى ساعات متأخرة من الليل. والجلوس الساعات الطوال أمام القنوات الفضائية أو متابعة المقاطع والرسائل في وسائل التواصل الاجتماعي .
ومن علامات قلة البركة أن يعمل الإنسان الأعمال العظيمة الجليلة من صدقة وبر وإحسان وأعمال خير .. ثم يظهرها ويستعرض بها أمام الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : وذكر َرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ) رواه البخاري ..
وًعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَيْءَ لَهُ»، فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَيْءَ لَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ رواه النسائي : وصححه الألباني.
ومن علامات قلة البركة وعدم التوفيق عدم استغلال المواسم التي تكفر الذنوب وتزيد الرصيد من الحسنات كصيام الست من شوال واستغلال عشر ذي الحجة وصيام يوم عرفة وصيام عاشوراء ، والاجتهاد في صيام الأثنين والخميس والأيام البيض ولو بين الحين والأخر .
ومن المؤشرات أيضاً على قلة البركة : أن يعيش الإنسان في عزلة عن مجتمعه وجيرانه لا يتفقدهم ولا يسأل عنهم ولا يزورهم ولا يزورونه ولا يحضر مناسباتهم ولا يحضرون مناسباته هذا يخالف تعاليم الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم : لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا وقال صلى الله عليه وسلم : (( حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ))
أيها الناس : الطاعة تقود إلى الطاعة والمعصية تقود إلى المعصية ولذلك فإن من علامات قبول الطاعة وبركتها أن يتيسر لك طاعة أخرى ومن شؤم المعصية أنها تسهل وتيسر ارتكاب معصية أخرى فإن رأيت نفسك تقبل على المعاصي وتستمر عليها فأحذر فأنت تنجرف إلى دوامة لا خروج منها .
نعم يا عباد الله ؛ فَقْدُ البركة خلل ومصيبة سببها أفعالنا، وبلية سببها معاصينا - الذنوبُ والمعاصي تمحَقُ البركةَ قال الله تعالى : ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
بل إن من آثار الذنوبِ وعواقب المعاصِي ما لا يخطُر على بالٍ ، وما لا يحسب له حساب ؛ فهي تمحق بركة العمر وبركة الرزق، وتمحق بركة العلم وبركة العمل، وتمحق بركة الطاعة .. نسأل الله السلامة .
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا رب العالمين. اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم اصلح أحوالَهم، واهزم عدوك وعدوَّهم.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ به للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد.
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:23 مساءً الخميس 19 مايو 1446.