• ×

09:25 مساءً , الثلاثاء 1 يونيو 1446

خطبة جمعة عن الحياء جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  605
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 خطبة جمعة عن الحياء جامع قرية خفه / حامد علي عبد الرحمن
الحمدُ لله نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُهُ ونستهدِيهِ ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فهوَ المهتَدِ، ومنْ يُضْلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليًا مُرشِدًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلّى اللهُ عليهِ وعلى أله وسلم تسليما كثيرا .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
أما بعد :
خلقٌ من أخلاقِ الإسلام، هو قرينُ الإيمان، وأمارةٌ صادقة على الفطرة السليمة يعكس ويترجم تربية الإنسان وأدبه .. ويكشف قيمته ومعدنه ، ِ هو خيرٌ كله، ولا يأتي إلا بخير. خلقٌ من أخلاق الملائكة، وسمةٌ من سمات الأنبياءِ وأتباع الأنبياء.
خلق من أسمى الصفات الإنسانية، وأنبل الأخلاق الفاضلة،
إنَّهُ يا سادة يا كرام .. خلقُ الحياء،.. فالحياءُ خلق النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أشدُ حياءً من العذراءِ في خدرها .
والحياء يعني : الحشمة، وهو ضد الوقاحة. وهو انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه. وقال ابن حجر: الحَياء: خُلُق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ.
وليُعلم أيها الأحبة أنَّ معيار الأخلاق الحسنة وعلامتها هو الحياء, كما أنه رأس مكارم الأخلاق, قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (رأس مكارم الأخلاق الحياء ) وقال صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ"، ، وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ". وقال : ((الحياء كله خير .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج بن عَصَرٍ: "إِنَّ فِيكَ خُلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ." قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ: "الْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ". قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَا فِيَّ أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ: "بَلْ قَدِيمًا." قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا"
والحياء من الإيمان ، فكلما زاد ازداد صاحبه إيمانه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت ((
فالحياء يحمل الإنسان على الاستقامة وعلى الطاعة ، وترك سفاسف الأمور والترفع عنها وترك المعاصي وإن صغرت ونبذ طريقها
عندما ترى الرجل يتحرج من فعل ما لا ينبغي أو ترى حُمرةَ الخجل تصبغُ وجههُ إذا بدرَ منه مالا يليق، فاعلم أنَّهُ حيُّ الضمير، نقيَّ المعدن، زكي العنصر وإنه إلى خير إن شاء الله وسيترك ما لا يليق لا محالة .
وإذا رأيتَ الشخص بليدَ المشاعر .. عديم الإحساس ، لا يُبالي ولا يفكر .. ولا يهتم أبدا .. يصنع ما يشاء .. فاعلم أنه لا خيرَ فيه .
فالحياء يحجز النفس عن كثير من خوارم المروءة وقوادح الدين، وينأى بالمرءِ عن النواقص ، ويحجزهُ عن التردي والسُقوطِ في الرذائل ، إنَّ من لا حياءَ لهُ فهو ميتٌ في الدنيا شقيٌّ في الآخرة، وليعلم أن بين الذنوب وبين قلة الحياءِ علاقة وثيقة و تلازمٌ لا ينفك فمتى وجدت هذه وجد ذاك ، كما أن هناك تلازماً بين ستر ما أوجبَ اللهُ ستره وبين التقوى، فكلاهما لباسٌ هذا يستر عوراتُ القلب ويزينه، وذاك يسترُ عوراتُ الجسمِ ويزينه.
الحياءُ والإيمانُ قرناء جميعاً، فإذا رُفع أحدهُما رفع الآخر، وحينما يفقدُ المرءُ حياءه يتدرج من سيء إلى أسوء، ويهبطُ من رذيلةٍ إلى أرذل، ولا يزالُ يهوي حتى ينحدرَ إلى الدرك الأسفل،
ويبقى المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العودُ ما بقى اللحاءُ .
أيُّها الأخوة الكرام : إن أسمى صورِ الحياءِ هو ما كانَ مع الخالقِ -جل جلاله-،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَحْيُوا مِن اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ" قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ اسْتَحْيَا مِن اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ"
المؤمن إذا قوي فيه خلق الحياء من الله أصبح يراقب أعماله وتصرفاته الظاهرة، وأحواله القلبية، مستشعرا فيها مراقبة الله عز وجل ونظره، وأنه يطلع على سره وعلانيته. فلم يجعل الله أهون الناظرين إليه .
وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستحيي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني

وإن كان الحياء خلق عظيم وواجب على الجميع فهو في الحق المرأة أوجب .. تأملوا في فعل فاطمة بنت محمد رضي الله عنها واراضاها .. حملها الحياء أن تفكر في جثمانها بعد الموت تقول لأسماء بنت أبي بكر : يا أسماء إني قد استقبحت ما يُصنع بالنساء ؛ أنه يُطرح على المرأة الثوب فيصفها . فقالت أسماء : يا بنت رسول الله ألا أريكِ شيئاً رأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ( قوّستها ) ثم طرحت عليها ثوباً ، فاصبح الجسم المدد تحتها لا يرى فقالت فاطمة رضي الله عنها : ما أحسن هذا وأجمله .. وطلبت منها أن يفعل هكذا بجثمانها بعد وفاتها .. لله درها ! ما أكمل حياءها .
وإليكم هذه القصة من الزمن الحاضر يقول أحدُ الدعاة: كنتُ في رحلةٍ دعويةٍ إلى أحد البلدان مع فريقٍ طبي، أقام مخيماً لعلاجِ أمراضِ العيون، فتقدمَ إلى الطبيبِ شيخٌ وقورٌ ومعه زوجته، بترددٍ وارتباك، ولما أرادَ الطبيبُ المعالج أن يقتربَ منها، فإذا بها تبكي وترتجفُ من الخوف، فظن الطبيبُ أنَّها تتألم من المرض، فسأل زوجها عن ذلك فقال: وهو يغالبُ دموعه: إنَّها لا تبكي من الألم، بل تبكي لأنَّها ستضطر أن تكشفَ وجهها لرجلٍ أجنبي، لم تنم ليلةَ البارحةِ من القلقِ والارتباك، وكانت تُعاتبُني كثيراً أو ترضى لي أن أكشف وجهي، وما قبلت أن تأتي للعلاجِ إلاَّ بعد أن أقسمتُ لها أيماناً مغلظةً بأن الله - تعالى -أباحَ لها ذلك عند الاضطرار فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ .
أين بعض النساء من هذا .. أين الكاسيات العاريات من هذا .. أين التي تختار .. الطيب الرجل ليكشف عليها وتترك الطبيبة .. من هذا

اللهم حبب إلينا الحياء وزينا به ، اللهم آت نفوسنا تقواها ... وزكها أنت خير من زكاها .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الحمد للَّهِ الذي سبحت الكائنات بحمده ، وعنت الوجوه لعظمته ومجده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى عليه وعلى أله وسلم
أما بعد :
إذا قلَّ ماءُ الوجْهِ قلَّ حياؤه *** ولا خير في وجه إذا قلَّ ماؤه
حياءَك فاحفظه عليـك فإنما *** يدل على وجه الكريم حياؤه
أيها الأخوة الكرام :
حينما قلَّ الحياءُ ضاحكت المرأة الرجل الأجنبي .. عندما قل الحياء مازحت البائع، وركبت وحدها مع السائق، ، حينما قل الحياء لبست الشفاف والقصير والضيق ..
عندما قل الحياء .. أصبح الحرام حلالا ..واختفى العيب وماتت الغيرة .. أصحبت البنت تلبس الملابس المخجلة أمام اخوانها وأبيها ....ملابس يندى لها الجبين بحجة الموضة .. فقدنا الحياء .. فقدنا الغيرة ...
عندما قل الحياء أصبح الأب لا ينكر ولا يعترض يرى الملابس الضيقة والشفافة بل هو من يشتريها .. بحجة الموضة ومجاراة العصر .. ثم بعد ذلك يرجو الصلاح والهداية .. أنا له ذلك .
عندما قل الحياء .. أصبحنا لا نفرق بين الشاب وأخته .. وجوه محلوقة .. وأياد ناعمة .. وقصات غريبة .. وملابس ضيقة غريبة .. عندما قل الحياء .. جاهرنا بالمنكرات .. وفتحنا القنوات .. واجترينا على المحرمات ..عندما قل الحياء لم نحترم الكبير ... عندما قل الحياء رفع الأبن صوته عند أبيه بكل وقاحة بحجة حرية الرأي .. عندما قل الحياء .. اساءنا الأدب في ألفاظنا وكلامنا وتصرفاتنا مع الآباء والأمهات بحجة الموانة ورفع التكلفة .. عندما قل الحياء .. فقدنا معنى الحياة .
الحذر .. الحذر .. أيها الأحبة : لا تقلدون غيركم وتنساقون وراء العادات المخجلة .. راقبوا أنفسكم راقبوا أبنائكم .. واستحيوا من الله حق الحياء .. الحذر .. الحذر فإن الحياء يكون موجود ثم يختفي ويتلاشى شيئا فشيئا حتى نصاب بالتبلد وقلة الحس .. فلا نعرف معروفا ولا ننكر منكرا وعندها يكون بطن الأرض خيرا لنا من ظاهرها . بل عندها ننتظر النتيجة نسأل الله اللطف
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
أيها الأحبة : بقي أن نشير إلى نقطة مهمة جدا أنه ليس من الحياء أن يسكت الإنسان عن قول الحق ، أو المطالبة به .. ولا ينبغي الحياءُ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذا جبن وخور وضعف ، وليس من الحياء في شيء .. ولا ينبغي الحياء في تعليم الجاهلِ ولا في السؤالِ عمَّا لا نعلم .
قال تعالى : ( والله لا يستحي من الحق )
نكتفي بهذا القدر حتى لا نطيل عليكم .. واللبيب بالإشارة يفهم .. وما قيل فيه الخير والبركة لمن كان له قلب أو ألقاء السمع وهو شهيد .
هذا وصلوا على نبيكم محمد بن عبد الله فقد امركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: (ان الله وملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلي اله وصحبه وسلم وارض اللهم عن التابعين لهم بإحسان الي يوم الدين , وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين , اللهم امنّا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينكَ وكتابك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين. اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر يا سميع الدعاء . اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين. اللهم انصُر المُجاهدِين في سبيلك في كل مكانٍ ، اللهم أنصر جندونا المرابطين على الحدود اللهم اصلح أحوالَهم، اللهم اربط على قلوبهم واهزم عدوك وعدوَّهم. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخُذ بيده إلى البرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد .
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون . أقم الصلاة

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:25 مساءً الثلاثاء 1 يونيو 1446.